الجمعة 9 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فواصل ناعمة

فواصل ناعمة






عبقرى، ووطنى، ومحترف، ويمتلك القدرة على التجديد والابتكار، ذلك الشخص الذى فكر ونفذ فواصل شبكة قنوات «dmc».
معجب جدا بالفكرة، تقدم المعلومة ببساطة متناهية، تضع يدك على مواطن قوتنا الناعمة بسهولة ويسر، سياسيون، فنانون، كتاب، موسيقيون، مخرجون، مونتيريون، تقريبا كل أشكال الفنون والثقافة والأدب، جمعها العبقرى الذى للأسف لا أعرف اسمه، ووضعها فى قالب بسيط وجذاب، وقدم لنا معلومات قيمة عن قامات ونجوم مصريين، قدموا لنا عصارة أفكارهم، لينيروا لنا الطريق.
الفكرة العبقرية، أراها نموذجا حيا، لتعليم أبنائنا، تاريخنا الحقيقى، مفكرينا ومبدعينا الكبار.
انتبهت للفكرة، فجأة وأنا أشاهد حلقة من أحد المسلسلات، وفى الفاصل بدأ ابنى الأكبر يوسف والأصغر محمد، رهانا على كم عمل أدبى قدمه الرائع الراحل عبدالوهاب مطاوع، واتفقا على أن الرقم الأقرب حتى لو لم يكن دقيقا، يربح الرهان.
تابعت الرهان والفرحة والتنطيط عندما فاز الأصغر رغم أنه لم يقل الرقم صحيحا، لكنه كان الأقرب.
اللعبة أعجبتنى جدا، وبدأت العائلة كلها تشترك فى المسابقة، كلما عرضت «dmc» فاصلا من فواصلها الجميلة، كل منا يقدم رقما والأقرب يفوز، ولاحظت أن الأولاد بدأوا فى حفظ كل قامة من هذه القامات قدم لنا أيه.
ووجدتها فرصة جيدة لأحدث أطفالى عن العمالقة الكبار القادمين كضيوف أعزاء فى الفواصل، وبدأت أبحث أيضا عن معلومات مدققة لأقولها لهم مع كل فاصل، من هم وماذا قدموا، وجدتها فرصة لأقول لهم بليغ حمدى عبقرى مصر، وصل إنتاجه إلى نحو ألف وثلاثمائة أغنية، إضافةً إلى الأغنيات والموسيقى التصويرية فى الأفلام والمسرحيات والمسلسلات الإذاعية، وغنت له أصوات من معظم الدول العربية، وكيف غنت معه  مصر كلها أغنيات شهيرة مثل» بسم الله، أنا على الربابة باغنى، يا حبيبتى يا مصر».
كيف  اقتحم الرجل  مبنى الإذاعة والتليفزيون عند بدء حرب أكتوبر سنة 1973 ليقدم أغانيه التى كانت ومازالت أيقونة من أيقونات النصر.
وجدتها فرصة حقيقية للحديث عن قوتنا الناعمة، وتأثيرها فى الوجدان المصرى والعربى، فرصة لنهرب مع أبنائنا من الغث والتشويه الذى يقدم لنا باسم مهرجانات.
حسنا فعلت «dmc» فقد وضعتنا على بداية طريق مهم، طريق القوة الناعمة، السلاح الأقوى لمواجهة جميع أشكال التطرف والعنف والإرهاب، واستعادة مقدرتنا على تشكيل الوعى والتفكير فى نماذج مشرفة وحقيقية.
القوة الناعمة التى  تعتمد على إحراز النفوذ بواسطة الإقناع والترغيب وتوفير مقومات التقدم والرقى وتقديم النموذج الجذاب الذى يغرى الآخرين بالحذو حذوه وتقليده.
القوة الناعمة المصرية والمهملة للأسف الشديد، قادرة من خلال استخدامها وتوظيفها  على تغيير الأوضاع السائدة فى المجتمع.
مصر تمتلك إرثًا تاريخيًا وحضاريًا عظيمًا، هو رأس مالها المعنوى الذى جعلها من أهم الفاعلين فى النظام الدولى على مر العصور.
 هذا التاريخ هو ما نحتاجه لإعادة تشكيل الوعى المصرى، إعادة قوة القيم والمبادئ، والتى ازداد التأثير عليها وكادت تختفى، مع زيادة التطور التكنلوجى، والاتصالات الحديثة بين الأفراد التى  كسرت الحواجز الجغرافية، ومن ثم فقد أصبح وعى الأفراد يتشكل بعيداً عن السيطرة.
القوة الناعمة فى مصر تواجه تحديًا كبيرًا فى السنوات الأخيرة ولابد من إرادة جمعية «نظام سياسى، ومنظمات مجتمع مدنى، وأفراد» الكل يعمل على إعادة تفعيل دور القوة الناعمة ،عبر التشريعات والقوانين التى تحمى المثقفين والمبدعين، فضلاً عن دعمها من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى، بالإضافة إلى توظيفها لمواجهة الحروب النفسية التى تعانى منها الدولة المصرية التى تحاول طمس الهوية وتدميرها بشكل منهجى.
الوعى والقيم والمبادئ والأخلاق المصرية  فى مفترق طرق، ولذلك فإننا كمجتمع ومؤسسات وجماعات وأفراد يجب أن نحدد بدقة مسارنا القادم، وإلا فإننا قد نضل السبيل ليس لسنوات وإنما لعقود مقبلة، وهو ما لا يجب أن يقبل به أحد يخلص لهذا البلد، لأن ذلك ينطوى على إهدار للطاقات وللموارد.