الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فساد العشوائيات

فساد العشوائيات






للفساد مؤشرات وانطباعات لا تحتاج إلى قواعد ونُظم وعلوم، قدر ما يُمكن رصدها كما يقولون بمجرد النظر، وهى مظاهر منها المُلفت للنظر جدا زى الحب كده – تحسه من أول نظرة – ومنها مظاهر بسيطة لكنها تتعارض مع الحال العام وتدفعك للتساؤل عن حقيقة الأمر ومنها بالقطع الفساد المُستتر الذى يحتاج إلى أدوات ووسائل لرصده.
العشوائيات من النوع الأول، فهى واحدة من أهم مظاهر الفساد فى مجتمعنا وربما تكون الأكثر انتشارا وإثارة للانتباه، وأنت لا تستطيع بأى حال من الأحوال أن تغُض البصر عنها وإلا ستعتبر نفسك من الفاسدين المُفسدين فى الأرض.
وللعشوائيات فى ملف الفساد أقسام كثيرة وتستطيع بمجرد التفكير السريع أن تحدد عددا كبيرا من الفاسدين المشاركين فى جريمة كل مبنى مُقام دون أن تسأل نفسك إذا ما كان مُرخصا أم من دون ترخيص، وإذا ما كان مطابقا للمواصفات أوغير مُطابق ومنهم مثلا المسئول التنفيذى والمسئول المحلى ومالك العقار والمهندس المسئول والمقاول المُنفذ.
لن أخوض كثيرا فى تفاصيل مظاهر الفساد فى العشوائيات، والمقصود هنا طبعا هوالعشوائيات غير المُخططة وهى المناطق التى شيد فيها الناس العمارات من دون الخضوع لمخطط  عام للدولة، وفى هذا السياق يكفى مثلا أن تتم عملية البناء فى عطلات نهاية الأسبوع وتتوقف إلى بلوغ أى أيام عطلات أخرى لتتأكد أن مخالفات للقانون تتم دون تفكير وإرهاق للذهن.
الارتفاعات المتجاوزة تعنى وببساطة أن المسئولين عن الرقابة غابوا تماما عن تنفيذ مهامهم وتطبيق القانون، ولا مجال هنا للحديث عن حُسن النية فعلى الأقل هناك جريمة الإهمال فى العمل والتهاون فى تنفيذ القانون بما يُعد خطرا يهدد أرواح الناس ويُخرب أملاك الدولة من خدمات وخلافه .
لكل ذلك ولغيره يقول خبراء مكافحة الفساد فى العالم: إن أهم مؤشر لرصد الفساد وتقييم مستواه هوالمؤشر الانطباعى، أى الانطباع الذى يتكون من مجرد المظاهر والظواهر المحيطة بالحالة، وتستطيع من خلال هذا المؤشر أن ترصد كل تداعيات الحالة التى تتابعها والعناصر المرتبطة بها وما يتداعى عنها بمجرد المشاهدة أوالملاحظة .
فى حالتنا التى نتحدث عنها وهى العشوائيات لا يُمكن الحديث عن انتهاك القانون ومخالفته دون تورط قطاعات من القائمين على تنفيذ القانون ومراقبة أعمال البناء من أول طلب الترخيص واشتراطاته ومطابقته للقانون وتنفيذ أعمال البناء، وأى خلل فى هذا الجانب من البداية للنهاية هو مسئولية المعنيين عن الأمر بالحى ولا يجوز أبدا تجاهل مسئوليتهم أوالتعامل معها بمفهوم المخالفة الإدارية .
ورغم أن الساكن لا صلة له بحالة الفساد الكامنة فى قلب الملف إلا أنه مسئول لقبوله شراء ما هومخالف للقانون وهويعلم بذلك، وأصبح بعد التجارب العديدة التى مرت بها البلاد اعتبار الساكن جزء من المخالفة وأن يتحمل جانبا من العقاب إذا ماثُبتت المخالفة.
نصوص القانون لا تكفى، فالتشريع وآليات تطبيقه، ونظم المراقبة والمحاسبة ثلاثة أضلاع لا يمكن تحقيق المنشود فى غياب أى ضلع منها، والعشوائيات بكل أنواعها التى انتشرت كالسرطان فى مجتمعنا السبب الرئيسى فيها غياب ولوضلع واحد من الأضلاع الثلاثة.
قانون المحليات الغائب التائه سبب رئيسى فيما تعانيه الدولة المصرية، ومن دون إصداره ستستمر المعاناة، وإصداره من دون ضوابط رقابية على الأجهزة التنفيذية المحلية لمحاسبتها فلا طائل من ورائه، المحليات جزء مهم من الحل.