السبت 14 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«شهيد عيد الميلاد»

«شهيد عيد الميلاد»






فى وطنى، يستشهد مصطفى، ليحتفل مينا ويصلى  فى أمان، فى وطنى فقط، لن تعرف الفرق أبدا، لن ترى إلا المحبة.
الرائد مصطفى عبيد الضابط بإدارة المفرقعات بمديرية أمن القاهرة الذى استشهد مساء السبت؛ إثر انفجار عبوة ناسفة كانت داخل حقيبة مخفاة بسطح عقار بالقرب من كنيسة العذراء وأبى سيفين بمنطقة عزبة الهجانة فى مدينة نصر، عاش بطلا واستشهد لنعيش جميعا فى أمان.
شهيد عيد الميلاد، وأول شهداء 2019،تبارى زملاؤه فى نعيه، والثناء على دماثة خلقه وتفانيه فى عمله طوال فترة خدمته بقسم المفرقعات التابع للإدارة العامة للحماية المدنية.
الرائد مصطفى عبيد، رجل حقيقى، قرر أن يضحى بنفسه، من أجل إنقاذ حياة المئات، فقد ساهم التحرك السريع والعاجل منه فى إنقاذ سكان المنطقة من كارثة كانت محققة الوقوع.
الرائد البطل، ومثله كثيرون  هم الأسطورة المصرية الحقيقية، هم رجال يحملون « أرواحهم على أكفهم» .. فى صمت يخرجون لملاقاة الموت كل يوم،  يعملون فى هدوء بانتظار الرتبة الأعظم، رتبة الشهيد، ليلحقوا بزملاء لهم، قدموا أرواحهم، لنعيش نحن فى أمان، نجلس على المقاهى، نسير فى الشوارع، نعود متأخرين، ننسى أبواب بيوتنا وسياراتنا مفتوحة، لا نخشى شيئا، فيقيننا أن هناك من يحرصنا، لا ينام، لا تفرق معه درجة الحرارة، ولا الأمطار، ولا القنابل والعبوات الناسفة،  لن يتركنا ويذهب لينام إلى جوار عائلته، فقد وهب نفسه  لحمايتنا.
أبدا لن نفكر فى هذا الرجل الذى يضحى بكل شىء من أجلنا، لن نشعر بتوتر أب وأم  أو زوجة وأبناء على رجل هو كل ما يملكوه فى الحياة، لن نشعر بالقلق والتوتر كلما ودعهم فى الطريق إلى عمل لا يعرف متى ينتهى، وهل سيعود منه على قدميه أم محمولا على الأعناق.
سنظل لا نعرفه ولا نتذكره، ونحن نتدفأ فى سريرنا، نحتسى مشروبا دافئا، نلهو مع أطفالنا، لن ننتبه له إلا بعد قراءة عنوان الخبر الأليم « اسشهاد ضابط «، حتى بعد قراءة الخبر، نحزن، ربما تنزل دمعة سريعة لو كنا اقتربنا منه، درس معنا فى بدايات حياتنا، أو سكن بجوارنا بعد أن زفوه عريسا ، نحكى عنه، نتذكر مواقفنا معه، متى التقيناه آخر مرة، متى وقف إلى جوارنا، ماذا يقول عنه زملاؤه، لكن يقينا سنعود إلى المقاهى والشوارع، نرتب للإجازة، كيف نقضى وقت فراغنا القادم.
يقيننا أن الآلاف مثل  مصطفى، يقدمون  أرواحهم  فداء للوطن، ولنعيش نحن، ينتظرون دورهم بفارغ الصبر، ليحظوا مثله بالشرف الكبير، شرف الشهادة، يقيننا أننا فى أمان، بسبب كثيرين لا نعرف أسماءهم، لن يخذلونا أبدا، وسيدافعون عنا بكل شىء، سيدافعون عنا بحياتهم نفسها يقدموها بنفس راضية .
اليوم  هو عيد ميلاد البطل مصطفى عبيد   فى الجنة...اليوم نحتفل به  ونحتسبه مع الصديقين والشهداء بعد أن أدى الأمانة وصدق الوعد مع الله.
الشرفاء من هذه الأمة، يقدروا مدى تضحيتك فى سبيل وطنك ويذكروا أقدامك على الموت بكل بسالة ورجولة.
كل  شريف يحب هذا الوطن، يعلم أنك فخر وعزة لبلد لا تنجب إلا الرجال، فالمجد والخلود لروحك الطاهرة
والموت للخونة الذين أنكروا، فضل الوطن عليهم ونهبوه وأنكروه.
اليوم مع عيد الميلاد، تشرق شمس عيد ميلادك الحقيقى  وينير قمرك فى المساء، سماء الوطن.
نحن والله مؤمنون بأن الموت سوف يطرق باب كل واحد منا وكلنا بانتظار الزائر، وتلك اللحظة، ولكن أى لحظة أشرف من اللحظة التى جاءك فيها الموت ليعلنك شهيدا.
قبلك وبعدك سيفارقنا الشهداء الأبطال، وقلوبنا راضية عنهم ونفوسنا مطمئنة بأن الله سبحانه وتعالى سيتقبلهم عنده شهداء، وسوف ينعمون فى رغد مقيم عند رب العالمين لأن صفحاتهم وحياتهم مليئة بالتضحية والشرف والأمانة.
تهنئة من القلب إلى كل من ضحى بنفسه وروحه وجسده وشبابه وكل ما يملكه من أجل قضية وطنية تسفك فيها الدماء كل يوم وكل دقيقة وكل ثانية.