
رشدي أباظة
فى فلسفة المسجد والكاتدرائية ٢- الله.. مع من؟!
هيا نسأل الله.. مع من تكون؟
مع من يحفظ البيوت التى يذكر فيها اسمك. مسجدا كان أو كنيسة أو كنيسا (معبدا).. أم مع من يفجر الكنائس فى أعياد الميلاد ويقتل المصلين والمتبتلين بددًا؟
الله مع من؟
مع من يحقق المقصد الإلهى فى العيش البشرى المتنوع ليعتقد كل منهم من يشاء. أم مع من يرفض الآخر ويسلب عقائد الأغيار!
مقاومة الطائفية من أخطر حالات المواجهة الحقيقية للصراع النفسى الداخلى والمجاهدة لجموح النفس البشرية. الجموح حينا لأنواع مختلفة من الاستعلاء على الآخر.
مصر الدولة تجاهد دفع الفكرة الإلهية لتحققها على رقعتها من الأرض فى العيش المشترك. لذلك يصر الرئيس السيسى على المجاهرة بذلك. يلزم نفسه بما يتعهد. وليكسر حاجزا نفسيا وزمنيا يخشى الكثيرون الاقتراب منه. والهدف هو مواجهة الطائفية مواجهة مؤسسية غير متروكة للاعتقادات والاجتهادات الشخصية أو حتى للتنشئة فى ظروف وبيئات مختلفة. لا يتركها حتى للضمائر البشرية التى تتذبذب ذهابا وإيابا!
الله مع من؟
سؤال لا يبحث عن إجابة لدينا بقدر ما نبحث عن قول فصل لدى من يعكر صفو العيش فى مصر باسم الله؟
ولذلك عندما نتحدث عن الطائفية فى مصر تتجه الأذهان إلى العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. وتتغافل الأذهان بشكل متعمد وجود أطراف أخرى قد تكون موجودة فى المجتمع كاليهود المصريين. هذا التجاهل يعبر عن وجود آثار لجنوح طائفى انتقائى لازالت راسخة فى العقل الشعبى الباطن!
الله مع من.. مع انتقائية سياسية وطائفية ومذهبية أم مع وحدانية إنسانية لا تعرف سياسة وطائفة ومذهبا؟
«لو عندنا يهود هنبنى لهم معابد». هكذا قال رئيس دولة مصر ذات نهار فى منتدى شباب العالم قبل أسابيع. الرجل عبر عن إدراك حقيقى لخطورة «الطائفية» التى لا يمكن أن تتجزأ. لا يمكن التعامل معها بازدواجية. ازدواجية من منطلق سياسى واجتماعى وفقا للأهواء أو الحالات المنفردة. إما أن تكون طائفيا بغيضا.. أو رافضا ومقاوما لهذه الطائفية؟
«شد الأطراف ثم بترها». نظرية دستورية فى تقسيم البلاد وتخريبها. قبل أن تبتر الأطراف عليك بشد هذه الأطراف. الشد لا يكون إلا فى أربع:
١- الدينية. ٢-المذهبية. ٣-العرقية. ٤-السياسية.
يقفز السيسى فوق تلك النظرية الإجرامية. يسير فى مسيرة الأولين. مصر دولة تعايش. جبل أشم تتحطم عليها «أطراف» الدين والمذهب والعرق والسياسة!
فالمنبت لا أرضا قطع.. ولا ظهرا أبقى؟
من هنا كانت رسالة افتتاح الكاتدرائية والمسجد فى العاصمة الإدارية. ومن هنا مر جثمان الرائد مصطفى عبيد الذى صعدت روحه من على أبواب كنيسة عزبة الهجانة وتعرج إلى السماء تسأل الله.. مع من تكون؟