
رشدي أباظة
أوباما - بومبيو.. بين خطابين ١- العشرية السوداء!
ومرت عشر سنوات!
مرور الخائف الوجل. عشر من الوجع . عشرية سوداء. ورائحة الموت لم تنجل.. ولن تنجلى!
لم تفارق ذكراها المكان ولم ولم تخطئها بعد العيون. ألم النوى يقسم الظهور. يشق القلب شقًا ويضرب فى الأعماق أنفاقًا من الألم المرشوف بالآهات. الجروح والندوب نهشت الأجساد وصيرته محزونًا!
ولعل جوانحى من هبوبها لم ينطف.. ولن تنطفى!
ثقيلة هى الأيام فاليوم منها بعشر.. والعام بألف.. والعشر منها بعشر مما نعد ونحصى!
تحاصرنى شجون السنوات العشر القاسيات المميتات المميلات كأسنام البخت المحشوة بالمؤمرات ودسائس المتفجرات والأحزمة الناسفة!
عشر قطعت فيها أوصال وعرى كانت وثقى.
عشر تفسخت فيها سواكن آمنة.
وهى عشر ابتلعت فيها البحار آلاف الغرقى وعلت فيها الدموع الجباه بعد السقوط من عل!
عشر مرت من هنا .. من «ميدان النهضة» بميدان الجيزة. ذلك الميدان الذى كان ثانى اثنين أكبر تجمع مسلح عرفته مصر.. ومن هنا مرت!
عن خطاب الرئيس الأمريكى السابق باراك حسين أوباما فى جامعة القاهرة خريف ٢٠٠٩ أتحدث!
كان قادمًا للتو رئاسة بلاده. والترحاب يلف الرجل.
كنت أحد جلوس المقدمة.
نظرت فى عينيه السوداوين فرأيت خيالًا منه فى كأس من الدماء والأشلاء التى تناثرت والمدن المدمرة والأطفال الغرقى التى لم تبتعلها الأرض.. ونحيب الثكالى!
ألقى الرجل أمنيته ومضى جسدًا.. بيد أن الظل والحرور لم يفارقا القاعة المطلة على ميدان «النهضة».. وعلى بعد كيلو مترات من ميدان «رابعة»!
لم يكن خطابًا بقدر ماكان إطلاق إشارة بدء.
بدا وكأن «أوباما» يبادر بالضربة الأولى فى لعبة «البلياردو» لتنطلق «الكرات الملونة» فى اتجاهات عشوائية. لقد كانت تلك الاتجاهات جميعها أعلى الرقعة الخضراء لطاولة اللعب. رسائل الخطاب الآثم نوبة يقظة لخلايا نائمة.
تلك الخلايا التى انطلقت عقب الخطاب نحو حركتها التى تستهدف أدوارها للبدء فيها.. والمعدة سلفًا!
لقد كان خطاب أوباما فى جامعة القاهرة آنذاك هو «خطاب ضمان» مسحوبًا على بياض من رصيد الحساب السرى للمخابرات المركزية الأمريكية!
وكانت العاصفة!
غدًا نكمل