الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من حقك تقلق!

من حقك تقلق!






هدأت الأمور، والآن يمكن أن نناقش الأمر بالعقل، شغب الملاعب ظاهرة عالمية..  نعم، لكن من حقك تقلق.
ماحدث فى الإسماعيلية وتوقيته، مؤشر خطر جدا، الظن وبعض الظن من حسن الفطن، إن الأحداث التى تكررت طويلًا مضت إلى غير رجعة، اتضح أنها وهم كبير.
الحكم الكاميرونى، نيون إيليوم، ألغى مباراة الإسماعيلى أمام ضيفه الأفريقى التونسي، ضمن الجولة الثانية بدورى المجموعات بدورى أبطال إفريقيا لكرة القدم، بعد دقائق طويلة استمر فيها هجوم الجماهير على طاقم الحكام عبر إلقاء زجاجات  المياه على أرضية استاد الإسماعيلى.
المباراة توقفت فى الدقيقة 87  «يعنى الماتش انتهى فعليًا» وأيا كانت النتيجة أو الظلم الذى وقع على فريق الإسماعيلى إلا أن ماحدث مرفوض تمامًا.
التوقف استمر لنحو 45 دقيقة, تداول خلالها طاقم التحكيم الأمر مع مراقب المباراة، واتخذوا قرارًا بعدم استكمالها.
لم تفلح محاولات عدة لاستئناف دقائق المباراة الباقية، ليتخذ الحكم قرار إنهاء المباراة، ويهرع مع مساعديه إلى حجرات الملابس، محاطًا بأفراد الأمن، وتحت سيل من المقذوفات البلاستيكية.
شغب الجماهير خلال المباريات داخل أسوار ملاعب كرة القدم أو خارجها هو ظاهرةٌ مُنتشرةٌ بشكلٍ كبير حول العالم وليست حِكرًا على شعبٍ أو أمّةٍ واحدة؛ فكلّ شعب يعشق كرة القدم واجه هذه الظاهرة فى ملاعبه وبين جماهيره، فظاهرة الشغب فى ملاعب كرة القدم لها العديد من المسببات، والعديد من الحلول أيضا، لكن نغمة الظلم، ولو ده الأهلى أو الزمالك كان الشغب مر بلا عقوبات، لكن علشان ده الإسماعيلى يبقى الكل  يشارك فى ذبحه، هذه الروح أراها أخطر من الشغب نفسه، ومن حقنا كلنا أن نقلق من هذه الروح، التى تتنامى ليس فى الرياضة فقط ولكن فى مجالات أخرى كثيرة.
حالة الاحتقان الشديد بين الجماهير، مؤشر خطر، ناقوس يدق بعنف قبل استضافة بطولة الأمم الإفريقية.
والخطير فى الأمر أن أحداث مباراة الإسماعيلى والأفريقى تزامنت مع فرحة عارمة تعيشها مصر مؤخرًا بنيل استضافة كأس الأمم الإفريقية 2019، التى تقام لأول مرة بمشاركة 24 منتخبًا فى يونيو المقبل.
ورغم أنه من المستبعد أن تؤثر أحداث المباراة على تنظيم مصر للبطولة، لاسيما مع ذكريات رائعة لاستضافة نسخة 2006، التى كانت فى مصر، فإن المسألة تستدعى تحركًا فوريًا من جهات عدة لمعالجة أسباب المشكلة والتعرف على دوافعها.
ماحدث فى الإسماعيلية يستدعه وقفة طويلة من علماء الاجتماع والنفس، ومنظمات المجتمع المدنى، وبيوت التفكير، والدولة  بكل أجهزتها وليس الأمنية فقط.
عواقب شغب الجماهير عادةً  ما تكون وخيمةً على الأرواح – مازلنا نتحسر على  جماهير الأهلى فى بورسعيد وجماهير الزمالك فى الدفاع الجوى – وبالطبع لن ننساهم، لكن أيضًا والأهم أننا جميعا لن نسمح بتكرار ماحدث.
الشغب عواقبه أيضا على المنشآت الاقتصادية، لأنّها تكون غالباً ضمن حيّزٍ مكانيّ صغير ووفرة جماهيرية، ممّا يُسهم فى تسارع وتيرة الأعمال العنيفة بشكلٍ كبير.
لن نقلق على المنشآت، ونتجاهل الأرواح،  فهذه الظاهرة يجب القضاء عليها تمام، وليس الحد منها.
علينا أن ندرس وننفذ خطوات فعلية اتخذها العالم للقضاء على الظاهرة، ومنها، تدريب و تَجهيز قوّات أمنٍ لحفظ النظام بشكل كامل، وتنمية الرّوح الرياضيّة للاعبين والجماهير، ووجود هيئة رسميّة ممثّلة باتحاد الكرة.. هيئة حقيقية لها هيبة حقيقية ولها سياسة واضحة ومحايدة، لتوقيع عقوبات رادعة على أقل شغب يحدث فى أى مبارة.
هيئة قادرة على الردّ بشكلٍ صارمٍ وحازمٍ وسريع على أيّ شكلٍ من أشكال الشغب الجماهيرى داخل ملاعب كرة القدم، تمنع الجماهير من حضورِ مُباريات الفريق، وتخصم نقاطًا فى خال تكرار الشغب، وتغريم النادى المَسئول عن المباراة مبلغًا من المال، واشراك مجالس إدارات الأندية فى المسئولية عن الجماهير، وإطلاق حملة توعية كبيرة فى الإعلام للتصدى للظاهرة، وعدم الدفاع عن مرتكبى الشغب تحت مسميات بالية  مثل « شباب صغير.. بيحب النادى، مستقبل الشاب فى خطر « كل هذه الأسباب، والمبررات تخلق جيلًا منفلتا فى كل شىء وليس الرياضة فقط.