
حازم منير
عيد الشرطة
حين انتقد النائب الحالى أسامة هيكل قرار جماعات من الشباب تنظيم مظاهرة احتجاجية يوم 25 يناير عام 2011 كان يعى جيدا مغزى ودلالة هذا القرار، وهو كان وقتها رئيسا لتحرير جريدة الوفد المعارضة واعتبر أن التظاهر فى هذا اليوم يسيء لاحتفالية ورمزية وطنية أكثر منها فئوية، وبالقطع تعرض وقتها لاتهامات وانتقادات لا حدود لها وهو أمر طبيعى لفئة من الناس اعتادت سب من يعارضونها الرأى.
بالقطع كان تنظيم المظاهرات فى هذا اليوم شعاره وهدفه الأسمى تجريس الشرطة والإساءة لها، واختيار التاريخ ليس عفويا وإنما مقصودا لإهالة التراب على مناسباتنا الوطنية وإزاحتها من ذاكرة الوطن والشعب، كونها من العلامات التى تشير للدور الوطنى لواحد من مؤسسات الدولة الرئيسية.
الجهاز الشرطى هيئة مدنية وليست عسكرية، وهى كما غيرها بها من السلبيات والايجابيات، وبها الشرفاء والمخطئين، وهو أمر طبيعى، ولا يوجد جهاز شرطى فى العالم « ملائكى» النزعة والتشكيل، بل إن هيئتنا الشرطية قبل يناير 2011 شهدت تجاوزات يمكن تبريرها وأخرى لا يمكن تبريرها، لكن تقديرى وظنى أنها كانت كما كل الهيئات المدنية فى الدولة المصرية من دون استثناء.
لكن لماذا الشرطة دون غيرها؟ لأنها أكثر الهيئات المدنية ومؤسسات الدولة تعاملا مع المواطنين وبشكل مباشر فى كل مكان، ولأنها تحمل شكل هيئة عسكرية، ولأنها تمتلك أدوات وإدارات تمثل ذاكرة الدولة ومخزن معلوماتها أو بنك المعلومات الأساسى بها، ولأنها القادرة على رصد ومتابعة كل المخططات الخارجة عن القانون سواء كانت جنائية أو سياسية، ولأنها إجمالا المؤسسة القادرة على حفظ الامن العام و مواجهة اى محاولات احداث فوضى فى المجتمع أو خروج عن القانون.
من هنا كان تفكير التظاهر فى 25 يناير، اقتناص اليوم الابرز فى تاريخ الهيئة، واحد رموز الكفاح الوطنى ضد الاستعمار، وجزء من تاريخ الوطن، هى كانت لعبة ثلاثية الأهداف ومحطة للانتقال إذا ما نجحت لمساحة ابعد من التآمر تصل إلى حد اسقاط المؤسسة الشرطية والقضاء عليها.
كان مذهلا مطالبة رموز يناير إلغاء إدارة أمن الدولة وليس تطهيرها، وهى الإدارة المسئولة فى أى بلد فى العالم عن مواجهة الأنشطة السياسية المعادية للقانون، ولذلك لم يكن غريبا ما حدث من اقتحام لمقار هذه الإدارة والاستيلاء على أوراق منها لتهريبها للخارج أو لاستخدامها بما يسىء للدولة المصرية فى مستويات عدة.
فشل محاولات تدمير الجهاز الشرطى المصرى والإساءة لسمعته وتجريسه فى يناير 2011 وما تلاها، وقدرة هذا الجهاز على التماسك واستعادة دوره وسمعته الحقيقية وعلاقته الايجابية بالشعب والتى تجلت فى مواجهة مؤامرة «المرشد» وتنظيمه الإرهابى وأعوانه فى 30 يونيو كانت الإشارة لإعادة الدور الحقيقى للشرطة المصرية.
كل محاولات طمس معالم الاحتفال بعيد الشرطة واستبدالها بمناسبات أخرى وهمية فشلت، بعد أن تكشفت ابعاد المؤامر واجهضها الشعب بثورته فى 30 يونيو 2013.
نحن نحتفل بمناسبة وطنية قدم فيها شهداء الشرطة دمائهم لحماية العلم المصرى ومواجهة قوات الاحتلال البريطانى، لقد استعدنا جزءا من تاريخنا الوطنى الذى حاولوا طمسه لكنهم فشلوا.