الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
جائزة القاسمى لـ«الطوق والإسورة»

جائزة القاسمى لـ«الطوق والإسورة»






حين أعلنت اللجنة المشكلة لجائزة القاسمى فوز مصر بعد عشر سنوات من انطلاق مهرجان المسرح العربى الذى تقيمه الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، ضج المسرح الكبير بدار الأوبرا فرحًا لفوز طال انتظاره لعقد من الزمان حتى استطاع عرض مسرحى مصرى قادم من رحم مصر الجنوبية أن ينتزع استحقاق جاء متأخرًا، أخيرًا عرض مصرى يحقق الأمنية ولأول مرة بمسرحية ضاربة بجذورها فى الموروث الشعبى لبقعة عزيزة من بقاع مصر، إنه عرض «الطوق والإسورة» المأخوذ عن رواية  الفذ يحيى الطاهر عبدالله وإعداد الكاتب المسرحى الكبير د.سامح مهران وإخراج المخرج القدير ناصر عبدالمنعم، لقد استطاع الطوق والإسورة أن ينتزع جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى من عدة عروض أراها على درجة عالية من الجودة، وتقدر قيمة الجائزة ما يقرب من نصف مليون جنيه مصرى إضافة لقيمتها الفنية والأدبية الكبرى بين الجوائز العربية، إن فوز الطوق والإسورة من وجهة نظرى يعنى فوز المسرح العربى القادم من روحه ومن كلمته الأصيلة التى كتبها وأعدها نجمان من نجوم الكتابة السردية والمسرحية وأقصد يحيى الطاهر وسامح مهران، وسبب سعادتى الخاصة إضافة لسعادتى العامة التى غمرت الجميع بداية من الدكتورة إيناس عبدالدايم التى ملأت سعادتها أركان المسرح حتى أصغر شاب مسرحى أننا وجدنا عددًا من العروض التى كانت ضمن إطار المسار الثانى المخصص لمسابقة القاسمى بعيدة شكلا وموضوعا عن رأس المشاهد الذى يجلس أمامها فى الصالة، ومغرقة تماما فى الشكل الذى أكل من الرسالة أو حتى المتعة أو حالة الفرجة التى يجب أن تصل له فى النهاية، لدرجة أننا كنا نتساءل هل هذا هو المسرح العربى الذى يجب أن يقدم لنا، أم أننا نشاهد مسرحا آخر غريبا عنا، وكنت أتساءل عن العنوان العام الذى يهتم به المهرجان ودورته الحادية عشرة والتى رفعت شعار الموروث الثقافى للشعوب العربية وتجلى ذلك فى مسابقة النصوص لمسرح الكبار ولمسرح الطفل.
كنت سعيدا بالعروض العربية التى انطلقت من كلمة عربية أوعالمية أصيلة ثم استخدمت ما تريد من تقنيات للديكور والموسيقى والإضاءة والسينما والرقص والدراما الحركية والاستعراض ما تشاء، وقد انطلق المخرج القدير ناصر عبدالمنعم فى عرضه الطوق والإسورة من رواية تتناول جزءا له خصوصية ثقافية مختلفة عن باقى أقاليم مصر العربية، واستطاع أن يكشف مكنون شخصياته التى عاشت فى هذا المكان/الواحة، فشاهدنا مكانا مختلفا وطقوسا متفردة وبشرا لهم من السمات المختلفة عن باقى البشر حتى فى مصر، كان هذا أحد الجوانب التى شدت المتفرج جعلته يتجاوب مع العرض بدرجة كبيرة، وفى الوقت نفسه لم ينس المخرج ناصر عبد المنعم استخدام كل فنون المسرح ليعبر عن رسالته التى يقدمها فى النهاية ويترك المشاهد مشتبكا معها ومتجاوبا مع الأسئلة التى طرحها العرض ومستمتعا بوصوله لحالة وأرضية مشتركة للحوار مع كل مفردات العرض. وفى الحقيقة أرى أن تلك هى الحالة التى يجب أن يكون عليها المسرح العربى الآن، مسرح يشتبك مع موروثه وتراثه وواقعه فى ظل كل المتغيرات التى تحيط بنا والتى نجحت فى تشتيت الواقع العربى وتمزيقه، حتى بات المسرح والفن والثقافة فى النهاية فى تصورى خط الدفاع الأخير للم الشمل العربى، لو كان هناك إرادة سياسية عربية لذلك وفى الوقت نفسه مسرح غير منفصل عن أحدث تقنيات وأدوات المسرح التى لا يجب أبدا أن تكون هى الهدف من العرض، فلا يعقل أن نقيم على الإضاءة أوالسينوغرافيا عرضا مسرحيا نبحث له عن تفسيرات لكى نهتدى لرسالته، وختاما تحية لكل العروض المصرية والعربية التى حافظت على روح المسرح العربى الأصيل فى الدورة الحادية عشرة للمسرح العربى.