الهرم الرابع

تلقيت رسالة من الصديق العزيز الإعلامى محمد حلمى أثارت الانتباه والحزن فى آن واحد، الرسالة جاءت عبر تطبيق «واتس آب» وهى منقولة عن السفارة الفرنسية بالقاهرة وتحمل صورة «الست» الرائعة الراحلة أم كلثوم وأعلاها مكتوب «فى ذكرى غيابها».
انتبهت لمرور 44 عاما على ذكرى رحيل «الست» التى حملت ألقابا عدة منحتها إياها الجماهير للتعبير عن مكانتها فى قلوبهم ووجدانهم وعقولهم، وعُمق تأثيرها فى ثقافتهم ومشاعرهم الوطنية، ومساهمتها فى تغيير مسار الأغنية وإبداعاتها المتنوعة .
هى «سيدة الغناء العربى» وهى «ست الكل» وهى «كوكب الشرق»، كان مريدوها يجلسون فى قاعات المسارح أو يتحولقون حول المذياع كـ «المصلى» الخاشع  ينصتون لذبذبات صوتها الذهبية وتنويعات أنغامها المنطلقة من حنجرة قوية كانوا يخشون على «الميكروفون» من قوتها فيفصلون بينهما بمسافة تمنع تحطمه.
أم كلثوم التى حملت ألقابا عدة مثل «قيثارة الشرق «وشمس الأصيل» و«صاحبة العصمة» كانت تعتز أكثر وأكثر بلقب «فنانة الشعب»، وكان معروف عنها إحساسها القوى ومشاعرها العميقة تجاه عامة الناس، ووطنيتها وانتمائها العفوى للوطن .
بعد نكسة يونيولم تتحمل «الست» ما جرى وقررت المساهمة فى المجهود الحربى لدعم إعادة بناء الوطن وقواتنا المسلحة فكانت جولاتها الداخلية والخارجية التى جمعت خلالها مساهمات وتبرعات لدعم المجهود العربى واستنهضت خلالها مشاعر العروبة والوطنية.
كل هذه القيمة انتبهت السفارة الفرنسية لذكراها على «تويتة» قالت فيها :«فى ذكرى غيابها، منذ ما يقرب من نصف قرن، تظل أم كلثوم، هذا الهرم الرابع كما قال الشاعر حافظ إبراهيم تاج العلاء فى مفرق الشرق عندما كان يتغنى فى وطنه «ونشرت السفارة صورة على موقعها لـ «الست» وقالت :«هذه الصورة مأخوذة من الحفل الذى أحيته كوكب الشرق فى قاعة الأوليمبيا فى باريس العام 1967».
هكذا انتبه الفرنسيون لذكرى رحيل «الست» وهكذا وصفوها، واحتفوا مستخدمين ومتباهين بصورة حفل نظمته فى باريس وقت جولتها لدعم المجهود الحربى للجيش المصرى وللنهوض ومواجهة آثار النكسة، وقالوا عنها :«الهرم الرابع» وهووصف لم يطلق إلا على شخص واحد كان عملاقا أيضا هوجمال عبد الناصر .   
أين نحن من ذكرى كوكب الشرق ؟ وأين احتفاؤنا بجزء من تاريخنا الوطنى والفنى؟ فقط مجرد بضعة تقارير هنا أوهناك، وضيف يتحدث هنا وفقرة سريعة هناك، وكفى المؤمنين شر القتال، ولا أدرى هل هوجهل بموعد الذكرى ؟ أم تعبير دقيق عن حالنا وما وصلنا له .
«ثومة» أوالست «أوقيثارة السماء» كلها أسماء للهرم الرابع أم كلثوم التى وللأسف نسيناها ونسينا تاريخنا وافتكرها الغرب.