الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان عبدالقدوس فى تل أبيب!

إحسان عبدالقدوس فى تل أبيب!






بعد أيام قليلة من وصول الأستاذ «إحسان عبدالقدوس» إلى فلسطين قرر أن يقابل بعضا من الزعماء الصهيونيين ومنهم «موشى شرتوك ودافيد بن جوريون» وقد أصبح كلاهما فيما بعد من أشهر وزراء إسرائيل.
ورفض الصحفى الفلسطينى ناصر النشاشيبى الذهاب معه قائلا: لك حريتك أن تقابل من تشاء وأما أنا فلست بحاجة لمقابلة عدوى كى أعرف كيف يفكر هذا بلدى ولست غريبا عن أى شىء فيه!
ويروى ناصر النشاشيبى فى مذكراته “قصتى مع الصحافة” ما جرى مع إحسان قائلا: عناد إحسان وطموحه ونشاطه حملته كلها إلى مبنى الوكالة اليهودية بالقدس وجعلته يقابل رئيسها «بن جوريون» ومدير الدائرة السياسية فيها «موشى شرتوك» أو شاريت كما أصبح اسمه فيما بعد وأن يحصل من كل منهما على حديث سياسى مطول لم يتردد فى نشره يومذاك على صفحات “روزاليوسف” بالقاهرة!
وبعد إقامة لمدة اسبوع فى القدس ذهبنا إلى «يافا» كانت يافا يومذاك تجمع أكبر عدد من الادباء والصحفيين والفنانيين والشعراء المصريين والعرب ولم تدم اقامتنا طويلا فى يافا لقد أراد إحسان - بشوق الروائى - أن يزور تل أبيب بحثا عن مادة جديدة يستعملها فى رواية من رواياته التى يكتبها وبالفعل ورغم أن زيارته لتل أبيب لم تستغرق أكثر من دقائق معدودات وهى المدة التى كانت خلالها سيارة التاكسى تدور بنا فى طريقها من «يافا» إلى «حيفا» إلا أن ذلك - كما يبدو - كان كافيا لكى يجعل إحسان يكتب قصة خاصة عن تل أبيب ويذكر فيها اسمى بالذات ويجعل عنوانها «فتاة من تل أبيب» هكذا كانت أحلام إحسان عبدالقدوس!
سافر إحسان من حيفا الى بيروت وعدت أنا إلى القدس ومن بيروت أرسل إحسان مقالاته ومقابلاته مع زعماء فلسطين العرب واليهود! وعندما نشر تفاصيل مقابلته مع «موشى شرتوك» قامت قيامة الاوساط الوطنية العربية فى القدس وكتب عنه الدكتور حسين فخرى الخالدى فى مجلة الوحدة مقالا عنيفا اتهمه فيه بالخيانة!
واتصل بى «إحسان» تليفونيا وطلب منى أن أتوسط لدى أصحاب مجلة الوحدة لكى يسمحوا له بالرد، ولم ننتظر وصول رد إحسان فكتبت بدلا منه ردا مطولا ونشرته باسم «إحسان عبدالقدوس»!
ثم وصل رد إحسان عبدالقدوس فى صورة رسالة موجهة لى يقول فيها:
“قل لهم يا أخى - للذين هاجمونى - إننى أحب فلسطين أكثر منهم وأحرص على القضية أكثر من حرصهم! قل لهم إننى لم أخن أحدا ولم أبع قضية ولم أنحرف ولم أخطئ وإنما ذهبت إليهم كإحسان! قل لهم إن لفلسطين قضية لها وجهان وجه عربى ووجه يهودى!
وقد كان من واجبى أن يعرف أهلى وشعبى الوجه الآخر للقضية الفلسطينية! هل فى هذا العمل جريمة؟! ما هذا التفكير الساذج يا أخى ناصر؟! هل بهذه العقلية نخدم فلسطين؟!
أنا قادر أن أرد وأن أقابل الردح بالردح والاتهام بالاتهام ولكننى لن أفعل حرصا منى على قداسة القضية وأن بعض أصحابها يبقون عندى فوق الشبهات وفوق الطعن»!
ويمضى ناصر النشاشيبى قائلا: واستمرت الحملة واستمر إحسان يكتب انطباعاته عن فلسطين، وعندما عدت لزيارته فى عام 1946 أخذنى إحسان إلى نادى للسينما فى القاهرة وقدمنى لأنور وجدى ومديحة يسرى وهاجر حمدى ومحمد أمين وليلى مراد وهو يقول لى: كفاية سياسة أنا راجل فنان وبحب الفن! خلى السياسة بقى لما ترجع للقدس.
وللحكاية بقية.