
حازم منير
الـ «أردو– غان»
أبرز ما يميز الرئيس التركى «صوته العالى» أو كما يقول الشوام «طق حنك» فهو دائم الصراخ والتحذير والترهيب، لا يتوقف عن الهجوم هنا وهناك، وإعلان التحدى مع «طوب الأرض» لكنه سرعان ما يتراجع و«يلف ويرجع تانى» للخلف در.
يذكرنى هذا الرجل بالفنان المصرى الراحل الرائع عبد الفتاح القصرى، صاحب أجمل وأكثر الكلمات استقرارا فى أذهان المصريين «أنا كلمتى ما تنزلش الأرض أبدا» وسرعان ما يستدرك فور ظهور عين الزوجة الحمراء «خلاص تنزل المرة دى إنما بعد كده لا ممكن ابدا».
هو ده بالضبط الرئيس التركى مع فارق وحيد هو خفة دم فناننا وثقل دم «الأغا» التركى، فهو مفتعل ثقيل الظل، يصطنع المواقف، يؤدى بمستوى المُمثل المبتدئ، والنكتة أن الـ «أردو– غان» بيصدق نفسه ومُتخيل أن العالم مصدقه .
لأول مرة تجد رئيسا تُجمع عليه المؤسسات الرسمية والشعبية فى كل العالم، فهو مُنتقد من الدول، ومن المنظمات والهيئات، فشلت محاولاته للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى بسبب سياساته المعادية للحريات ولحقوق الانسان، ولعلاقاته المريبة بجماعات الإرهاب .
الـ «أردو– غان» صاحب لقب الأكثر عداء فى العالم لحريات الرأى والتعبير، والأكثر كراهية لحريات الصحافة، ليس وفقا لتقارير منظمات حقوقية دولية، وإنما وفقا لإعلانات رسمية لدول مهمة، ووفقا لمنظمات إقليمية رسمية، انتهت إلى إبعاده ورفض طلباته الانضمام لها.
منذ اعلانه عن محاولة الانقلاب قبل عامين تقريبا، وهو لم يتوقف عن المطاردات والاعتقالات، والتصفيات لخصومه، واختلاق العداوات لتبرير سياساته المعادية للحريات، والتى تستهدف التضييق وحصار خصومه، وهو حين يتحدث عن الحريات فى بلاده تشعر وانك تستمع الى «مارتن لوثر كينج» أو لمؤسسى الفكر الليبرالى فى العالم، وهو على النقيض تماما.
الرئيس التركى يتحدث عن القدس حلم حياته، وهو صاحب العلاقات الأوثق مع اسرائيل من التبادل التجارى إلى المناورات العسكرية المشتركة، وهو يهاجم القرار الاسرائيلى بشأن القدس لكنه لا يقدم على أى إجراء ضد تل ابيب أو الدول التى نقلت سفاراتها الى المدينة المحتلة .
الرجل استضاف قادة وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية، كان يأمل مساعدته ليصبح خليفة المسلمين، باع السعودية فى لحظة متخيلا ان قضية خاشقجى ستقضى على نفوذ المملكة بين المسلمين وسيرث هو الارض ومن عليها، وهو الان يبيع ضيوفه الارهابيين، وبدأ فى تسليم أولهم الى مصر وهو يدعى ويزعم وجود خطأ سيعاقب من ارتكبه .
الحقيقة أن الرجل يملك دهاء سياسيا وقدرة على المناورة، لكنه فى الوقت ذاته قصير النظر، لا ينظر إلا تحت اقدامه، ولا تنجح الا مؤامراته، وغير ذلك سرعان ما ينكشف.
القائد هو القادر على رعاية مصالح شعبه، وليس من يستغلها لأحلام، خصوصا لو كان يستيقظ سريعا ولسان حاله يقول «لف وارجع تانى».