
اشرف ابو الريش
جدعنة ولاد البلد
عندما تقرأ التاريخ جيدا يجب أن تبحث فى الشخصية المصرية على مر العصور.. بدءا من العصر الفرعونى وانتهاء بالعصر العربى الإسلامى تكتشف بعد دراسة متعمقة أن المصرى لا مثيل له فى العالم وعلى أرض الواقع لن تدرك قيمة الإنسان المصرى وحبه لوطنه ولأى شخص يقابله خارج حدود هذا البلد.. الكلام بمناسبة ما رأيته فى حادث الحريق بمحطة مصر الأسبوع الماضى، حيث تسابق العشرات من الشباب لإنقاذ العديد من مصابى الحادث الأليم..أعرف بعضا من هؤلاء الشباب ولاد البلد الجدعان بالاسم فعادة ما أستقل أحد القطارات صباحا للقدوم إلى القاهرة فى بعض الأحيان.
معظم القادمين فى القطارات من طنطا - منوف القاهرة يعملون فى منطقة العتبة والموسكى وخان الخليلى ومنطقة باب الشعرية.. مهن مختلفة فى الجلود والبيع والشراء وصناعة الأنتيكات وورش النجارة.. يوميتهم أسبوعية بالكاد تكفى معيشتهم والصرف على أسرهم.. أتحدث إلى البعض منهم فى كثير من الأحيان فيشتكى صعوبة الحياة وكثرة المصاريف وأن الدخول الأسبوعية لا تكفى حاجتهم بصفة عامة وعندما نتحاور فى الأمور السياسية تكتشف أنهم من ولاد البلد الجدعان بالفعل أصبحت لديهم قناعة بأن مصر لديها أعداء من الداخل والخارج يريدون هدم استقرارها وتسفيه ما تقوم به الدولة حاليا من عمليات إنقاذ لهذا الوطن.
نعود إلى شهامة وجدعنة أولاد البلد فى حادث القطار والتى مهما كتبت فيها من مقالات أو تقارير إخبارية لن تدرك مشاعر وصدمة أحد الضحايا عندما اشتعلت فيه النيران يطلب النجدة من الناس لكى تطفئ حرارة النار من جسده فيقابله أحد هؤلاء الرجال من ولاد البلد فيخلع جلبابه ويأخذ هذا الضحية أو الشهيد فى حضنه حتى يطفئه من لهيب الجحيم دون تفكير أو تردد أو ذرة خوف من الموت.. هذا المشهد لن تراه فى أى دولة فى العالم غير هذه الأرض وهذا الشعب.
سافر إلى أى مكان فى الكرة الأرضية تجد أن وقوع مثل تلك الحوادث لا يقترب منها المواطنون ولكن عملية الإنقاذ تقع على رجال الإطفاء والإسعاف فقط ولكن فى مصر الوضع يختلف.
المحبة والأخوة بين الناس لا تفرق بين أحد.. الكل يتسابق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وأنا أقول لولا تدخل «ولاد البلد» فى هذا الحادث لارتفعت أعداد الضحايا أكثر مما هو حاصل الآن.
تحية لهؤلاء الرجال من أهل الشهامة والمروءة سلط الإعلام الضوء على بعض منهم وأما الآخرون فهم جنود مجهولة جزاؤهم عند الله عظيم.