
حازم منير
انتخابات نقابتنا
لا أميل إلى شعارات من عينة استقلال النقابة وكرامة الصحفى، ولا من أجل نقابة قوية، ولا من أجل حماية حريات الرأى والتعبير، فهى كلها شعارات تشير إلى فهم غير مكتمل لطبيعة نقابتنا وجوهر مهنتنا، وهى فى الحقيقة شعارات تخلط بين ما هوحزبى وما هونقابى مهنى.
بالقطع نحن فى مهنة لها خصوصيتها، وهى من المهن التى تختلط فيها علاقة الحقوق ما بين المهنى وما بين المجتمع، لكنها فى النهاية مهنة، وليست سلطة تمتلك التشريع أوالقرار أوالحكم بين الناس، لذلك فهناك خيط رفيع للغاية من دون التنبه لها يسقط صاحبه فى المحظور.
مرات عدة أتساءل هل يمكن ممارسة الصحفى لحقوقه فى التعبير دون إطار عام يحدد طبيعة هذه الحقوق ؟ وهل الصحفى سلطة فعلا ؟ أم مجرد مهنة لها مهام محددة لا يجوز الخروج عنها ؟ والأهم فوق كل ذلك هل تستطيع ممارسة حقوقك فى التعبير وأنت أسير علاقات وظيفية مقيدة لحقوقك فى العمل.
الحقيقة أننا استغرقنا جل وقتنا فى مشادات ومشكلات هى فى حقيقتها سياسية وحزبية بالدرجة الأولى، لكن ضعف الأحزاب وغيابها عن الساحة تسبب فى انتقال الكثير من الملفات إلى المؤسسات النقابية، وبات الخلط واضحا ، ويسعى البعض إلى استغلال النقابات فى الخلافات السياسية والحزبية، تعويضا عن عدم وجود الأحزاب.
سأعيد عليكم مثالا من تاريخ النقابة، حين اختلف الأعضاء على الموقف من اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل، واتفق الجميع على عدم إعلان موقف كونه موقفا سياسيا لكل عضوعلى حدة ما بين مؤيد ومختلف، ومن الناحية المهنية اتفق الجميع مؤيدين ومعارضين على رفض أى علاقة مع أى مؤسسة أوشخصية صحفية صهيونية.
مشكلتنا أننا نخلط ما بين حقنا فى إبداء رأينا السياسى ضمن قرارات النقابة وما بين حقنا فى إبداء رأينا المهنى فى الأوضاع، وعلى وجه الدقة، من حقنا أن نطرح أفكارنا ورؤانا فى تشريعاتنا الصحفية ولكن ليس من حقنا أن نفرض تصورا محددا ونُلزم المجتمع به باعتبارنا نقابة الصحفيين.
هذا هوالفارق الجوهرى بين الأمرين، أننا لسنا أوصياء على المجتمع، ولا على حريات الرأى والتعبير، وإنما نحن أصحاب رأى فيما يخص مهنتنا، وحتى هذا الرأى محدود بإطار لا يجب تجاوزه، هوإطار مهنى بالدرجة الأولى وبالمهنة وشئونها،ونحن لسنا أصحاب رؤية سياسية تقتضى أن تُصدر النقابة بيانا سياسيا بقبول أورفض سياسة من سياسات الدولة، ولسنا منتدى لتأجير قاعاته أوسلالمه لحركة أوجماعة سياسية للتعبير عن الرأى.
لكل ما سبق لا أميل إلى تلك الشعارات منعزلة عن الحقوق الوظيفية والإدارية، ومنعزلة عن ضمانات العمل فى بيئة صالحة لا تضمن وفقط الدخل أوالحماية من الفصل، إنما وبالأساس تضمن عمليات للترقى وفق قواعد مهنية وتدريبية على أسس، تتيح تطوير البيئة المهنية للصحفى المصرى، وتعيد مجددا تاريخنا وسمعتنا المتميزة بعد أن تاهت المعالم واختلط ما هوجائز بما لا يجوز.
انتبهوا إلى قانون النقابة والقانون المنظم لعلاقات العمل أولا.