الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لمجرد الاشتباه

لمجرد الاشتباه






نعانى فى مجتمعاتنا من كثرة القوانين وكثرة ثغراتها، نحن نملك قانونا لكل شىء، لكنك تجد فى الوقت ذاته كل ما يتعارض مع القانون ويتناقض معه أيضا، نحن نملك ترسانة ومجلدات من القوانين، لكن أوضاعنا الفعلية أشبه بمن لا يملك قانونا واحدا.
قرأت خبرا أمس يقول: إن الشرطة البريطانية ألقت القبض على رجل أظهر دعما وتأييدا للمجرم مرتكب مذبحة نيوزلاند، وخبرا ثانيا يقول: إن الشرطة أوقفت رجلا وأخضعته للتحقيق بشبهة توجيه رسائل تحريض وكراهية .
توقفت عند الخبرين كثيرا، اولا: لأن الواقعتين فى بريطانيا أُم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وثانيا: لأن الواقعتين ليستا أكثر من إظهار دعم وتأييد أو شبهة توجيه رسائل، أى انه لا يوجد فعل محدد على الأرض يمكن محاسبة مرتكبه، إنما شبهة وإظهار الدعم .
وذهبت بخيالى إلى مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر، وما تحتويه من حملات دعم وتأييد وتشجيع للإرهاب والعنف، والدفاع عنه بادعاء مبررات ومزاعم لمجرد البحث عن اسباب، أو حملات تحريض على الكراهية والعنف ضد اشخاص أو جماعات، تحت مزاعم حريات الرأى والتعبير .
ماذا لو تحركت السلطات المعنية فى بلادنا للتعامل مع من يقودون مثل هذه الحملات التى تدعو للعنف وتبرر الإرهاب، او تحرض على كراهية شخص او جماعة من خلال نشر وبث أكاذيب أو شائعات، أو تدعو لدعم جماعات إرهابية أو مناصرتها والدفاع عنها .
المشكلة ليست فى تحرك السلطات المعنية، وإنما المشكلة عندنا فى قصور القوانين، وعدم شمولها لكل هذه الجرائم، ليس لنقص فى مواد القانون اوتجريم هذه الافعال، وانما لقصور فى تفسير هذه الجرائم وتعريفها بشكل دقيق وبما يتناسب مع التعريفات والتفسيرات الدولية التى استند إليها المشرع فى انجلترا مثلا، وطبقتها السلطات المعنية فى قلعة الديمقراطية، دون اى ردود فعل أو انتقادات .
المواثيق والعهود الدولية واضحة، وهذه الجرائم محددة ببساطة شديدة، ولا تحتاج لمجهود فى توصيفها، كونها خضعت للكثير والكثير من البحث والصياغة، حتى انتهت على ما هى عليه من توصيفات كفيلة بصد اى خطر عن المجتمع.
مشكلتنا اننا اخترعنا العجلة، رغم انها سابقة الاختراع، نحن فقط نحتاج للنظر فى تلك المواثيق والعهود الدولية، ونحتاج لدراسة تشريعات الغرب، وتجاربهم فى انفاذ القانون، والادوات والوسائل المطلوبة، حتى نواجه مثل تلك تجاوزات تضرب فى المجتمع وتهدد أمنه وأمانه واستقراره.
الحاصل أن بمصر جرائم عديدة نتجت عن أحداث السنوات الاخيرة، وكان تجاهل جزء منها قبل هذه الاحداث، سببا مباشرا فيما نعانيه، بالقطع ليس مطلوبا حملات مكارثية، وانما المطلوب تشريع صارم واضح ومحدد، لا يقبل الالتباس، أو التفسيرات المزدوجة، وأن يكون على خلفية أممية، وتقوم عليه جهات انفاذ قانون مؤهلة تشريعيا وتنفيذيا، لنضع حدا لتجاوزات هى وفى الأساس خطر على الحقوق والحريات الشخصية.
كلما زاد الشطط فى ممارسة الحقوق الشخصية زاد الخطر عليها.