الأحد 20 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشكلة الغرب مع التطرف

مشكلة الغرب مع التطرف






الغرب مطالب الآن وقبل أى شيء آخر، أن يُعلن نتائج سياساته فى استيعاب المتطرفين والمتشددين والإرهابيين بحجة رعاية حقوق الإنسان، وأن يُظهر وبوضوح تأثير وتداعيات هذه السياسات على الحياة فى أوروبا .
الحاصل أن هذه العناصر استثمرت تيسيرات تقدمها دول الغرب لأغراض سياسية، استثمرتها فى نشر خطاب تحريض وعنف بين جماعات المسلمين، وقامت بتجنيد أرقام كبيرة من بينهم ربما تتجاوز عشرات الآلاف فى صفوفها، وظلت نتائج هذه السياسات غير مؤثرة فى الغرب، قدر ما هى مؤثرة فى بلادنا .
الشاهد أن خطاب التطرف والعنف النشط تحت مظلة ورعاية مزاعم حقوق الإنسان، ترك آثاره على رد فعل غربى واضح تأثر بهذه الحالة، فانطلق خطاب تطرف وتحريض عنف عنصرى عنيف فى العديد من قطاعات شعوب الغرب .
لذلك ليس غريبا أن نشاهد صعود اليمين المتطرف فى فرنسا، وتصل زعيمته إلى مرحلة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى انتشار هذا التيار فى بلدان عديدة ووصوله إلى إدارة الحكم فى بلدان مختلفة مثل النمسا أوإيطاليا، أويمثل تهديدا فى ألمانيا، أويتصاعد نفوذه فى دول إسكندنافيا، حتى يصل إلى ارتكاب مجزرة فى بلد وديع آمن مثل نيوزلاند .
المسألة ببساطة أن استقبال ومنح إقامة وتسهيلات لعناصر الإرهاب والتطرف، ولدعاة العنف، تحت مبررات وتفسيرات خاطئة لمبادئ حقوق الإنسان، وبرؤية  خاطئة تماما فيما يتعلق بمن يستحق هذه الحقوق، أثمر نتائج سلبية تتعلق بتكريس وتعميق مفاهيم عنف مضاد، تدعوإلى تطهير المجتمعات من كل المسلمين .
البادى أن ردود فعل اليمين المتطرف فى الغرب وعلى هدى مجزرة نيوزلاند يتطابق تماما مع نفس حالة التحريض من جانب جماعات المتأسلمين المتطرفين، فالمتطرفون يتعاملون مع الآخر بمفهوم التعميم ولاينظر كل طرف للآخر بمفهوم تخصيص الشر على دعاته وإنما يُطلق الاتهام على الجميع.
المشكلة فى سياسة التعميم أنها تعكس حالة كراهية عميقة، وتكشف عن مدى تكرُس فكرة التصفية والقتل لدى الطرفين، وأنهما معا يستخدمان ذات الأدوات والوسائل فى التعامل مع الآخر، ويرفضان تماما مفهوم التسامح والتفاهم .
نحن أمام تصاعد لعنف اليمين المتطرف فى الغرب، رغم وجوده فى مجتمع ديمقراطى يتمتع بكل مواصفات حريات الرأى والتعبير، وتوفير الاحتياجات والمتطلبات لشعوبه من خدمات وتكنولوجيا ومستويات معيشية ملائمة،  لكن هذه البيئة الغربية المتمتعة بالحقوق الديمقراطية والاجتماعية لم تمنع ظهور وانتشار الفكر المتطرف.
تجاربنا فى مصر أكدت لنا أن العنف فكرة، فكرة لها جذورها وأبعادها الفكرية والعنصرية، والإرهاب هوالخطوة العملية  لأفكار العنف ، وأن الأفكار ليست بالضرورة انعكاسا لأوضاع اجتماعية واقتصادية، وإنما هى انحيازات واختيارات فى الأساس .
  اعتقد مرة أخرى أن الغرب مطالب الآن بمراجعة سياساته ومواقفه، وأيضا مراجعة رؤاه وتفسيراته لانتشار ظاهرة التطرف والعنف، لأن تغيير هذه الرؤى فى ضوء تجاربهم الذاتية، ستحدد إلى درجة كبيرة  وسائل أكثر تأثيرا فى مواجهة هذه المخاطر ومحاصرتها لتقليصها .