
حازم منير
الحوار المجتمعى وتعديل الدستور
قبل أن تبدأ جلسات الحوار المجتمعى لتعديل الدستور تساءلت عن ضمانات إدارة حوار ديمقراطى حقيقى تُشارك فيه كل التوجهات والآراء والتنوعات الفكرية والمهنية والسياسية، والتجمعات الفئوية المختلفة.
وبانتهاء جلسات الحوار قبل يومين وتحديدا الخميس الماضى بدا أننا نمتلك إجابات على التساؤلات السابقة، وأن هناك محددات تتيح لنا العثور على أجوبة لأسئلة من نوعية هل توافرت المتطلبات الأساسية للاستماع لمختلف الآراء؟ هل توافر مناخ التعبير عن الرأى.
فى الحقيقة نحن نحتاج فعلا إلى كلام جاد وصادق فى مواجهة هزل و«مسخرة» وتشكيك مُضحك مُبكى فى آن تروجه جماعات اليأس والفشل وتنظيمات الإخوان عن أسئلة من عينة هل أن حوارا شكليا؟ هل بعد كل ما تابعناه ممكن نقول محتاجين لحوار أوسع؟ هل المناقشات غطت كل الجوانب؟ أم أن هناك احتياجا لمناقشت أوسع؟ أيه معيار الحكم على نجاح الحوار وتعبيره عن الرأى؟ هل هوبعدد الجلسات؟ هل بعدد المتحدثين؟ هل بالمدى الزمنى؟
اعتذر لطول مساحة الأسئلة فى المقال، إنما أحيانا نحتاج لاستفاضة فى التساؤلات حتى نضع الأمور فى نصابها الصحيح، ردا على جملة من الأقاويل والترديدات الفارغة التى تجد من يرددها ربما بحسن نية ولا مشاكل مع هؤلاء وأحيانا بسوء النية من الفاشلين.
تعالوا إلى الجلسات التى شهدت حضورا مميزا ومتميزا لمشاركين ما كنا نتوقع وجودهم فى مثل هذا حوار من أساتذة جامعات أصحاب رأى معروف بحدته، إلى حقوقيين ذى رؤية مختلفة، إلى أحزاب تُشكل تحالفات وائتلافات وتتبنى مواقف راديكالية يسارية تخرج أحيانا عن إطارات السياسية للدولة، لكنها تظل فى النهاية داخل الإطار القانونى للدولة، ومن شخصيات عامة ذات توجهات سياسية مستقلة تماما عن الدولة.
لم أتحدث عن التنوعات الفئوية أو المجالس القومية المتخصصة أو من الجامعات، ولا من النقابات المهنية والعمالية، ولا الجامعات والمؤسسات الدينية فى الأزهر والكنيسة، ولا رجال الأعمال والإعلام والاتحادات المهنية.
هذه رموز لا تشارك أبدا فى حوارات شكلية، ولوحدث ذلك فنحن نسىء للدولة المصرية، ونشوه رموزها وقادتها، وهى أسماء ومؤسسات لا تقبل أن تُعلن غير ما تقتنعه، ولا تقبل أن يُضغط عليها لتقول ما لا تؤمن به، وهى ذات مواقف تاريخية معروف أصحابها.
شاهدنا مواجهات مثل رأى الحزب الديمقراطى الاجتماعى، ومثل مداخلة الوزير السابق والمناضل المحترم كمال أبوعيطة، بل إن رئيس مجلس النواب د.على عبدالعال سجل موقفا متميزا حين قرر استحضار رأى العالم الجليل الدكتور محمد غنيم إلى القاعة رغم اعتذاره لوعكة صحية مفاجئة، فقرر رئيس جلسة الحوار تلاوة مقال غنيم المنشور فى صحيفة مصرية وتتضمن آراءه فى تعديل الدستور ليثبت موقف الرجل فى المضبطة رغم اختلافه فى العديد من الأفكار والمستهدفات فى تعديل الدستور.
لنكن صرحاء لقد وفرت جلسات الحوار البيئة الحاضنة لإقامة حوار مجتمعى حول تعديلات الدستور، ولم تفرض قيودا على أحد ولم تستبعد أحد، وتوافر للحوار القواعد الكفيلة بضمان تحقيق حرية إبداء الآراء والتعبير عنها.
لم يغب عن الحوار إلا أهل الشر وأعوانهم ومن قرر مقاطعة الدولة.