الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«تحت الشجر»

«تحت الشجر»






أفلام الخمسينيات والستينيات نموذج حى لشوارع القاهرة، والتى تبدو لوحة فنية رائعة الجمال، المشاهد مليئة بلوحات طبيعية للأشجار المزهرة الجميلة، بألوانها الزاهية والكثيفة فى الشوارع والطرقات.
 العام الماضى أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى، مبادرة  لزراعة مليون شجرة مثمرة بالمناطق الفقيرة والحدائق العامة والميادين العامة، وداخل المدارس وعلى الطرق الرئيسية والفرعية بالمدن والقرى للتأكيد على غرس ثقافة التشجير.
«فلماذا نعادى الأشجار المعمرة فى مصر؟».. السؤال ليس من عندى، السؤال طرحته النائبة أنيسة حسونة، عضومجلس النواب، فى طلب إحاطة، بشأن تقطيع الأشجار المعمرة بالقاهرة دون أى اهتمام بقيمتها الأثرية والجمالية.
وقالت النائبة، فى طلبها، إن هناك جريمة حقيقية فى حق الأشجار الأثرية بمنطقة جاردن سيتى بوسط البلد.
وأضافت: إنه على كورنيش نيل القاهرة بين فندق سميراميس والسفارة البريطانية، توجد أشجار «التين البنغالى» التاريخية الأربعة، وهى أهم معالم المنطقة جماليا وسياحيا، تم الاعتداء فعليا على بعضها  بطريق التقليم الجائر... مطالبة بتحرك سريع جدا لإنقاذ الشجر المعمر.
الشجر ليس رفاهية .. الشجر ضرورة حياتية مهمة جدا .. فالأشجار بالحدائق أوبالشوارع لم تعد شيئا ترفيهيا، أومجرد متعة جمالية، حاليا نحتاج إلى الأشجار أكثر من ذى قبل فالشجرة الواحدة تنتج يوميا 140 لترا من الأكسجين فى مقابل امتصاص 47 لترا من غاز ثانى أكسيد الكربون الناتج من التلوث الهوائى، بجانب دورها فى خفض درجة حرارة الهواء المحيط وإبطاء عملية تكوين الضباب الدخانى، حيث إن الضباب الدخانى يشكل 42% من أسباب ملوثات الهواء.
 المواطن الذى يعيش فى القاهرة يحتاج إلى ما يتراوح بين 20 و30م2 من الأسطح الورقية الخضراء ومن هنا تأتى أهمية المحافظة على الأشجار الموجودة بالحدائق والشوارع .
جدودنا الفراعنة حرصوا على زراعة الأشجار بل إنهم قدسوها، ومنها شجر الجميز، وأقدم شجرة جميز بمصر مازالت موجودة بمنطقة المطرية، وتلقب بشجرة مريم؛ لأنها الشجرة التى ظللت السيدة مريم العذراء وطفلها سيدنا المسيح، عليه السلام، عند لجوئهما لمصر، وهى مستديمة الخضرة.
المصريون  القدماء كانوا يحتفلون كل عام فى العاصمة المقدسة «أبيدوس» بعيد شجرة أوزيريس أمام معبده، ومراسم الاحتفال كانت تبدأ بالإتيان بأكثر الأشجار إخضراراً لنصبها وزرعها فى وسط الميدان المكتظ بالرجال والنساء والأطفال والشباب واليتامى والفقراء والضعفاء انتظاراً للهدايا والعطايا بحسب كتاب الأعياد للباحث «سامى حرك».
وفى كتاب «فجر الضمير»  يقول عالم المصريات الكبير «جيمس هنرى بريستيد» معلقا على شجرة أوزوريس : «عاد هذا الرب إلى الحياة مرة أخرى متقمصاً جسم شجرة خضراء  ولذا صار رمزاً لرجوع الحياة التى تنبعث ثانية بعد الموت،  ونشأ عن ذلك الحادث عيداً جميلاً يقام كل عام تذكرة لتلك المناسبة وذلك برفع شجرة مقتلعة وغرسها فى الأرض فى محفل عظيم، وكان يتم تجميلها فتغطى بالأوراق الخضراء، وتلك الشجرة هى التى انحدرت إلينا فى صورة العيد الذى لا نزال نقيمه باسم «شجرة الكريسماس».
الجلوس تحت الشجر بات يتخطى حدود المتعة، فالأبحاث العلمية تؤكد أن  للأشجار تأثيرا إيجابيا على جسم الإنسان وصحته.
علماء من جامعة شيكاغوأجروا  بحوثا علمية، أثبتت أن النباتات الخضراء تؤثر إيجابيا فى جسم الإنسان، وأن العيش بجانب الأشجار  ينعكس إيجابيا على صحة ومزاج الإنسان من الناحيتين الفيسيولوجية والنفسية.
الباحثون والعلماء ذهبوا لما هوأكثر من ذلك، فأبحاثهم أكدت أن  الأشجار بالإضافة إلى أنها تفيد فى علاج الأمراض النفسية فهى تحفز عمل القلب وتنشط عمليات التمثيل الغذائى وتشفى من الصداع وتخفف من تأثيرات الإجهاد النفسى.
وتوصل الباحثون إلى أن الناس الذين يعيشون بالقرب من الأشجار والشجيرات نادرا ما يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، وأنهم أقل عرضة للاضطرابات النفسية والأمراض السرطانية ومرض السكرى.
 قطع الأشجار أوالتقليم الجائر لها  فى الحدائق والشوارع مما يقلل من الخضرة يعتبر كارثة شديدة تستحق عقابا رادعا لكل المتسببين فى ذلك.
بالمناسبة قطع الأشجار مجرم قانونا، وهناك غرامة لا تقل عن  ألف جنيه ولا تزيد على 5 آلاف جنيه، عن قطع كل شجرة.