زراعة القدس فى نفوس الأطفال!
سعدت جدا حين تمت دعوة المركز القومى لثقافة الطفل للمشاركة كإحدي مؤسسات وزارة الثقافة المصرية فى يوم القدس الذى أقيم فى الجامعة العربية احتفالا بيوم التراث العربى، وسعادتى أن الطفل هو أمل تلك الأمة لحفظ تراث ومقدرات الوطن العربى الكبير فى كل مكان وعلى القمة منه تراث القدس الشريف السجين والحبيس فى المدينة المقدسة.
وسعدت بلقاء جدا بوفد القدس الشريف برئاسة السيد خليل الرفاعى وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بدولة فلسطين- عميد مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية والأب /إلياس عواد عضو المجلس الوطنى الفلسطينى، والرئيس الروحى لكنائس الروم الأرثوذكس فى محافظة رام الله حول العهدة العمرية والتراث المشترك بين المسلمين والمسيحيين المقدسيين.
لم أر أروع يومها من تذكر من سورة الإسراء التى تبشر بالعودة يوما إلى المدينة المقدسة، وكان الاحتفال فى اليوم الذى يسبق ليلة الإسراء والمعراج، وجدتنى أردد، يا قدس، يا مدينة الصلاة، يا مدينة الحياة، فقلوبنا وعقولنا وأرواحنا تهفو إليك كل يوم، كل ساعة، كل دقيقة، بل كل لحظة من ليل أو نهار.
ولأن الثقافة هى الحافظة والحاضنة لروح الشعوب وتراثها وموروثها بكل أشكاله وألوانه من الأدب والفن والعمارة وحتى السلوك وكل ما يفعله الإنسان، كانت هى/الثقافة الرهان الرابح لنا طوال الوقت فعلى القوى الناعمة العربية القادرة على التأثير، كما أنها هى أيضا الرهان الذى يسعى المحتل الغاصب لكى يسرقه كما سرق الأرض من قبل، ويحاول الآن ومن زمن إدعاء أن الوجبات والأزياء والموسيقى والرقصات تنتمى إليه، ولذا يجب على الأمة كلها؛ إسلامية ومسيحية وعربية أن تحافظ على كل ذرة من ذرات التراث والموروث ثقافى الفلسطينى بصفة عامة والمقدسى بصفة خاصة، الخاص بكل شبر بمدينة القدس العربية، فيجب على الأمة شرقها وغربها أن تبذر روح القدس الثقافية فى نفوس كل أطفال العرب عن طريق نشر تلك الثقافة، فنا وأدبا وعمارة وحرفا وملابسا وسلوكا داخل كل قلوب وعقول وأرواح هؤلاء الأطفال حتى يشبوا عارفين لها، عالمين بتفاصيلها، محافظين على كل ذرة من كيانها، فلا يجب أن يظل اعتمادنا على القابضين على الجمر من القدس الشرفاء فقط فى الحافظ عليها ونحن قابعين أمام التلفاز والملتى والسوشيال ميديا نشاهدهم يكافحون كل يوم دون أن نفعل شيئا مخططا للحافظ على هذا التراث التى سيحفظ حقوق هذا الشعب وهذه المدينة، هذا التراث المعلق برقبة كل مسلم ومسيحى فى العالم، علينا أن نحافظ على تراث تلك المدينة فى ذاكرة كل طفل وشاب عربى فى ظل الهوس الرقمى والتكنولوجى الذى يعيد رسم عقول أطفالنا كما يريد.
يحب أن يعرف كل أطفالنا من الخليج للمحيط أن القدس هى مدينته وصلاته المقدرة وأن التعلق بأعتابها حتى تحرر وتقام الدولة الفلسطينية التى عاصمتها القدس الشريف هو الهدف المرتجى الذى سيضمن سلام العالم كله وسيمنع الإرهاب والتطرف وسيعزز قبول الآخر من أجل التعايش السلمى بين جميع الأديان فى نهاية المطاف لو تم ذلك.
كل التحية لمن فكر فى إقامة هذا اليوم المحترم والموقر داخل أروقة جامعتنا العربية الذى مازال الأمل متعلقا بها، ونقترح أن يخرج هذا اليوم سنويا للأطفال فى مدارسنا وحدائقنا وتجمعاتنا فى كل مكان بالعالم العربى تحت إشراف الجامعة العربية ووزارات الثقافة والتربية فى كل مكان ناطق بلغة الضاد.
ساعتها سنكون بصدق نسعى لزراعة القدس ثانية داخل عقول وقلوب ونفوس أطفالنا حتى تنمو أشجارا باسقة تعيش وتموت واقفة لا تنحنى أبدا.