
احمد زغلول
«عُقدة» القطاع العام
قبل أيام أعلن بنكا الأهلى ومصر عن نتائج أعمالهما للعام المالى الماضى 2018-2019.. وما يلفت الانتباه هنا أنه رغم التزام البنكين خلال الفترة الماضية بسياسات الدولة والبنك المركزى دون الحياد عنها لمواجهة التضخم.. والتى فى سبيلها قدم البنكان الحكوميان أسعار فائدة هى الأعلى بالسوق على الأوعية الادخارية، مما رفع تكاليف الأموال لديهما.. رغم ذلك فقد حقق البنكان أرباحًا طائلة.. بل وسددا ضرائب لخزينة الدولة عن هذه الأرباح قيمتها 16.7 مليار جنيه.
وطبقًا للأرقام التى اعتمدتها الجمعيتان العموميتان للبنكين.. فقد حقق البنك الأهلى أرباحًا بقيمة 21.5 مليار جنيه قبل الضرائب ونحو 10.1 مليار جنيه بعد سداد الضريبة.. كما حقق بنك مصر اجمالى ربح 10.4 مليار جنيه.. وبعد الضرائب 4.1 مليار جنيه..
واحتفاؤنا هنا بنتائج أعمال بنكى الأهلى ومصر ينسحب أيضًا على أغلب البنوك المملوكة بالكامل للدولة أو تلك التى تمتلك فيها حصصًا حاكمة.. فهذه الكيانات أثبتت أن نجاح المؤسسات الحكومية مُمكنًا.. وأن هناك كفاءات يمكنها تغيير الدفة نحو الأرباح وكذا تطوير الأعمال بما يضمن استمرارية الأداء القوى واحتلال الصدارة.
ولا يمكننا أن نكتب كلمة عن هذا التطور المذهل فى أداء القطاع المصرفى دون أن نرجع الفضل لصاحبه الأول (بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى) .. صاحب التجربة الأهم فى تطوير المؤسسات الحكومية بل والقطاع المصرفى بالكامل.. إنه الدكتور فاروق العقدة .. ذلك الرجل الذى استطاع عبر تنفيذه برنامجًا للاصلاح المصرفى أن يغير مجريات الأمور فى البنوك كليًا.. أن يخرجها من مستنقع التعثر والافلاس والخسائر إلى الانضباط والتطور والربحية..
والحديث عن الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى الأسبق ودوره الريادى.. لا يقلل أبدًا من الجهد الذى تبذله قيادات الجهاز المصرفى حاليًا بدءًا بمحافظ البنك المركزى طارق عامر ورؤوساء البنوك العامة.. بل يؤكد حرص كوادر وقيادات البنوك للحفاظ على مكتسبات برنامج الاصلاح المصرفى والبناء عليه وتطوير أدواته وكذا خلق أدوات جديدة لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية للوصول إلى الأداء الأفضل.
فتحية إلى «فاروق العقدة» الرجل الذى نأمل أن نرى تجربته تتكرر فى شركات القطاع العام التى تعانى من الخسائر الكبيرة .. حيث إنه طبقًا للبيانات المتوافرة فإن هناك 48 شركة حكومية (قطاع أعمال) خسرت كل رأسمالها بل قد وصل بها الحال إلى أنها خسرت كل الأموال التى تم ضخها فيها بالكامل والتى بلغت 38 مليارا ومن ثم وصل إجمالى خسائرها 60 مليار جنيه.
ولا ننكر هنا ما يقوم به هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام الحالى فى سبيل معالجة المشكلات الضخمة.. إلا أن مسيرة الاصلاح ستحتاج المزيد من الجرأة والحسم.. ستتطلب الاستعانة بالخبرات والكفاءات لإدارة الشركات التى أصابها العطب منذ سنوات طويلة.. نتمنى الاستفادة من تجربة القطاع المصرفى والبنوك الحكومية لأنها بالفعل تجربة نموذجية وبها الكثير من الدروس التى يمكن الاستفادة بها ونحن أمام الامتحان الصعب المتمثل فى تطوير شركات القطاع العام..