الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«زينب وسالمة وشيرين»

«زينب وسالمة وشيرين»






فى فيلم «الوزير جاى»، رسم الرائع الراحل أحمد رجب شخصية، صابر أيوب والتى أداها عبدالسلام محمد، بحرفية شديدة، تتعاطف معها وتضحك من قلبك على حظه السيئ دائما.
صابر أيوب كان يعمل بالمصلحة من 30 سنة، لمدة ١٠ أعوام، قبل انتقاله لمصلحة الأملاك، وبعد خروجه للمعاش، أراد أن يضم المدة السابقة ليزيد معاشه ١٠جنيهات.
 احتاج صابر لإمضاء «الزعتراوى» والذى وفقا لسيناريو الفيلم « مات»، وذهب زملاؤه بقيادة البشارى جعدار رئيس المصلحة  و»ظنانا» أفندى الوكيل وشاركوا فى دفنه، لكنه كان مقطوعا من شجرة، ولم يتقدم أحد لصرف معاشه فاعتبره زملاؤه فى إجازة، ولم ينهوا خدمته، وكلما تقدم أحد لتخليص أوراقه وقف توقيع الزعتراوى عقبة لا تنتهى .
ذهب صابر ليحصل على التوقيع، فأجلسه أحد زملائه على مكتب الزعتراوى، وكلفه بمساعدته بعمله على سبيل التسلية، على أمل أن يحضر الزعتراوى وحدث أن احتاجت الراقصة «مواهب» لتوقيع الزعتراوى، فطلب «جعدار» من صابر أفندى أيوب، التوقيع بدلا منه فورا، وصارت سنة، بقضاء مصالح الناس بتوقيع صابر أيوب، رغم أنه ليس  موظفا فى المصلحة.
ولما أراد صابر أن يوقع على أوراقه هو بدلا من الزعتراوى، رفض «البشارى جعدار» فترك صابر المصلحة، فتعطلت مصالح الناس، وبحثوا عن عنوان صابر فى ملفه، فلم يجدوا له ملفا، واتهموا الموظف المختص بضياع الملف.
الحكاية تكاد تكون بتفاصيلها ولكن باختلاف بسيط، حدثت من عدة سنوات فى إحدى إدارات المرور، مواطن جلس على مكتب ليستريح، فجاءه من يطلب توقيعه، وقع على الورق وحصل على ما فيه النصيب، وظل يعمل أكثر من 20 سنة، حقيقى لا يحصل على راتب، لكنه ينهى الأوراق ويوقع على بعضها، والدرج المفتوح بجواره، يوفر له مبالغ أكثر بكثير من راتب أى موظف بالدولة.
الحكاية كلها لم يتم اكتشافها إلا بعد وفاة الرجل، الزملاء سعوا لإنهاء الأوراق لصرف مستحقاته المادية فاكتشفوا أن الرجل ليس موظفا، وليس له ملف من الأصل !!
حكايات مضحكة مبكية، لاحظ أن فيلم الرائع أحمد رجب «الوزير جاى «إنتاج 1986، يعنى أكثر من 30 سنة، فهل تغير شىء ؟!!
حكاية من 3 سنوات وأخرى العام الماضى، ومثلها هذا العام تؤكد أنه لا جديد، حالة الترهل الإدارى فى الدولة على حالها، لا حلول.
من 3سنوات، تقدم المواطن علي أحمد مرجان، بطلب للحصول على معاش «تكافل وكرامة» لأحقيته في الحصول عليه كونه يعول أسرة من 3 أفراد، وتفاجأ بأن زوجته شيرين، الحاصلة على معهد الخط العربي، موظفة بالتربية والتعليم منذ 7 سنوات، لم تذهب خلالها يومًا العمل ولم تعلم عنه شيئًا.
مرجان استخرج  مستندات من مصلحة التأمينات تفيد بأن زوجته موظفة بإدارة المراغة التعليمية كمدرسة بالمرحلة الإعدادية ومستمرة في العمل!!
والعام الماضى، اكتشفت  زينب محمد إبراهيم أنها موظفة من  10 سنوات بحي شرق شبرا الخيمة دون علمها، زينب ذهبت لإنهاء إجراءات معاش والدها لأنها مطلقة، فتم رفض طلبها كونها موظفة ويتم صرف مرتب لها.
زينب ذهبت إلى التأمينات تسأل فاتضح أنها بالفعل موظفة، بالرقم القومي واسم والدتها وتاريخ ميلادها، وهو ما يستحيل معه وجود تشابه أسماء.
واتضح أيضا  أن مفردات المرتب الذي كانت تتقاضاه حسب المدون في الأوراق الرسمية هو 1256 جنيها حوافز.
من يومين فقط، تكررت الحكاية اللطيفة نفسها، ربة منزل اكتشفت بالصدفة أنها موظفة منذ 10 سنوات بالوحدة المحلية لمركز ومدينة بني سويف، ويتم سداد التأمينات والمعاشات لها بصفة دورية دون علمها.
«سالمة سمير جابر» 35 سنة، تقيم بقرية بني حلة التابعة لمركز سمسطا جنوب غرب بني سويف، حاصلة على دبلوم تجارة ومعهد قراءات... ذهبت لإجراء فحص طبى ضمن حملة 100 مليون صحة ببني سويف، واكتشفت أنها مصابة بفيروس سي، توجهت إلى مستشفى بني سويف التخصصي لاستكمال باقي الأوراق وصرف العلاج اللازم، وعند  إدخال البيانات على جهاز الحاسب الآلي رفض الموظف صرف العلاج، وطالبها  بالتوجه لمستشفى التأمين لأنها موظفة».
سالمة اكتشفت أنها  مسجلة  موظفة بمجلس مدينة بني سويف منذ أغسطس 2010 ولا تعلم شيئا عن الموضوع، توجهت إلى هيئة التأمينات فاكتشفت أن كل البيانات  صحيحة ويتم سداد جميع التأمينات والمعاشات الخاصة بها بصفة دورية!!
حكايات مضحكة مبكية، حكايات تؤكد أن حالة الترهل فى الجهاز الإدارى للدولة، والفساد الضارب فى كل جزء من المنظومة يحتاج إلى قرارات جريئة، ومراجعة دقيقة لهذا الكيان الكبير المسمى بالبيروقراطية المصرية، والتى تستنزف الجزء الأكبر من الميزانية.