الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«فاطمة وجورج»

«فاطمة وجورج»






لا تستهوينى كثيرا الكتابة من نوعية النسيج الواحد،وأنا المصرى كريم العنصرين،
تلك الأغنية للرائعين سيد درويش و بيرم التونسى والتى ظهرت فى مسرحية شهرزاد عام ١٩٢١، أى تقترب من الـ100 سنة، و يحتفى بها كثيرون على أنها تعنى المسلم والمسيحى، وهى أغنية نزعت من سياقها، وهذا حديث آخر ،ليس هذا وقته.
أقول إن الكتابة من هذا النوع لاتقل رداءة ودمامة، عن دمامة سؤال متكرر سخيف يقول هل أهنئ الأخوة الأقباط بعيد القيامة؟!
قناعاتى الشخصية، أن هذه كتابة تصنع شرخا حقيقيا، حتى لو تم تغليفها بكلمات منمقة فخيمة من نوعية التسامح والمواطنة والتعايش وقبول الآخر.
قناعاتى أن مصر دولة يحكمها القانون، يسىء لها كثيرا، جلسات عرفية تقام فى الريف والصعيد أحيانا، لتفض مشاكل وأزمات بزعم أن الخلاف مع اختلاف الدين يهدد السلم الاجتماعى.
قناعاتى، أن حكما بإعدام أمين شرطة قتل مقاولا وابنه، فى المنيا منتهى العدل، فلا دخل لى بدين الأمين ولا دين المقاول.
قناعاتى هذه، أخالفها اليوم، لأتمم قناعات أخرى اتخذتها على نفسى  بألا أكتب فى هذه الزاوية الأسبوعية إلا كل ما هو مبهج، فيكفى ما فينا من ألم وآلام.
«فاطمة وجورج» نموذج مبهج، تشعر بالاطمئنان والسعادة لمجرد أن مثلهما يعيشان بيننا.
«أيمن جورج»  39 عاما شاب مصرى، توفيت والدته وعمره 13 سنة، الطيبة الودودة صديقة الوالدة الراحلة، «فاطمة عبداللطيف» لم تتركه، عوضته عن حنان الأم، صار واحدا من العائلة، يتناول طعامه معهم، لا يمر يوم إلا يذهب إليها يجلس معها ومع ابنها بالساعات.
 السيدة الخمسينية  الطيبة «فاطمة»، فقدت ابنها وزوجها العام الماضى، لم يعد لها سوى ابنها الذى لم تنجبه «أيمن».
أيمن يقول فى تصريحات إعلامية: «وقت ما والدتى ماتت كنا ساكنين فى شارع الزهراء فى عين شمس ومازلنا ساكنين فيه، وأمى فاطمة ساكنة فى المرج، وفيه مسافة بيننا، لكنى لقيتها أقرب حد ليا من ناس كتير، بتسأل عنى باستمرار، كانت شايلة همى كأنها أمى بالضبط، محستش لحظة إن أمى ماتت وتركتنى»، 16 سنة مرت ،كنت لا أترك يوما دون أن أجلس إليها أشكو لها همى وتنصحنى وتعاقبنى أحيانا مثل أى أم، لا يوم يخلو من البقاء فى حضرتها، الحديث معها وتناول الطعام الذى تعده خصيصا لى، «أحيانا كنت بتغدى وأتعشى هناك،  يعتبر كنت  عايش معاها فى بيتها».
«أيمن» تحين الفرصة ليرد لأمه الجميل، رآها تبكى بحرقة، تتمنى العمرة، فى حفل تم فيه توزيع جوائز عمرة رمضان، فازت ثلاث سيدات، ولم يكن الحظ حليف «فاطمة» نزلت دمعة من عينيها، فنهض أيمن معلنا تبرعه بقيمة جائزة رابعة لأمه «فاطمة» حقق حلمها بزيارة بيت الله الحرام فى رمضان
أيمن يومها وقف متفاخرا: «الست فاطمة هى أمى اللى مخلفتنيش ملهاش غيرى وماليش غيرها».
«أبويا من زمان معلمنا إنه مفيش فرق بين مسلم ومسيحى كلنا واحد، أنا بصوم رمضان معاهم من زمان، لازم فى رمضان أروح أفطر مع أمى فاطمة ونقعد نتكلم مع بعض هى ملهاش غيرى فى الحياة دلوقتى واللى عملته ده مهما شافته الناس عظيم هو نقطة فى بحر من اللى هى قدمته».
 حكاية «فاطمة عبداللطيف» وابنها «أيمن جورج»، تبث الطمأنينة فى القلوب، حكاية على بساطتها وتكرارها فى صور أخرى، إلا أن توقيتها وتزامنها مع احتفالات عيد القيامة واقتراب شهر رمضان المبارك له دلالات أخرى كثيرة، إشارات لابد أن نتنبه لها جميعاً، تؤكد أن هذا الوطن لكل أبنائه ،ولمن يعيش فيه ويعمل من أجله أيا كان اتجاهه أو دينه، دلالات محبة صافية، فالله محبة.