سعيد حجاج «فى الانتظار» بالطليعة
سعيد حجاج أحد أهم كتاب المسرح فى مصر والعالم العربى فى جيل التسعينيات، فاز بعدد كبير من الجوائز فى المسرح فى مصر والعالم العربى أبرزها محمد تيمور للإبداع المسرحى والتأليف المسرحى للشباب من المجلس الأعلى للثقافة والشارقة للمسرح وقصور الثقافة، كما نشر عددا كبيرا من أعماله المسرحية فى مصر والعالم العربى، ويعتبر حجاج أحد المحركين الثقافين المهمين فى المسرح فى جيله، قدمت له كل خشبات المسارح أعماله على مستوى الهواية والاحتراف، كان آخر أعماله مسرحية «فى الانتظار» على مسرح الطليعة التابع للبيت الفنى للمسرح من إخراج حمادة شوشة وبطولة أحمد سليم، ياسر عزت، فكرى سليم، باسم قناوى، محمد سعيد ومريم هانى.
يؤكد الكاتب سعيد حجاج مؤلف المسرحية فى «البنفلت» الخاص بالعرض إن الانتظار سيظل هاجسا ورغبة داخل الإنسان فى أنحاء العالم كله، هنا وهناك، مادام الإنسان حيا لأنه ببساطة يتطلع دائما لما هو أفضل حيث السعادة التى تعتبر الجنة المفقودة على الأرض، وهذا الانتظار هو الذى يبحث عنه الكبير والصغير، الرجل والمرأة فى كل مكان وكل زمان ، لذا كان العرض صالحا لكل وقت ولكل مكان وزمان فى تلك النقطة التى تمثل محورا مهما فى حياة كل إنسان، وأرى أن تلك النقطة هى التى أخذت العرض من بعد ضيق من المنطق العبثى إلى بعد آخر أرحب، بل وأكثر رحابة من حيث انتظار الأمل لدى كل واحد على مستوى الإنسانية، رغم أن العرض قد يرى أنه قادم من منطقة أبى العبث الكاتب العالمى صمويل بيكت كما قال حجاج نفسه لكن الجنوح لمنطق الأمل قد يأخذنا لنقطة أخرى أكثر إضاءة للعمل.
يبدأ العرض بمشهد غنائى بديع بين عزوز (أحمد سليم) وخادمة جودو (مريم هانى)، يأتى فى إطار الشجن الذى يصيب الإنسان والذى يبحث فيه عن نفسه وعن أمله منتظرا أن يأتى ولو بعد حين، ثم يدخل صفوان ( ياسر عزت) ليتحاور مع عزوز الذى بيتهما مسافة ثقافية مختلفة تماما، فعزوز البطل الذى يبدو مثقفا ومن الطبقة الوسطى نجد صفوان ينتمى للطبقة الشعبية ويغنى الأغانى الشعبية التى تعبر عما يعبر عنه عزوز ولكن بلغة أخرى، رغم أن الرسالة واحدة؛ فالخادمة وعزوز وصفوان والرجل والابن والخادمة جميعا ينتظرون الأمل الذى يرجوه أن يأتى، والسؤال الذى تركه سعيد حجاج للمشاهد؛هل من الممكن أن تتحقق أمنيات كل هؤلاء المنتظرين فى المسرحية وخارجها؟أم أن تلك الأمنيات مجرد آمال وأحلام صعبة ومستحيلة التحقق؟.
فى تصورى أن المخرج حمادة شوشة قدم تلك الرسالة من خلال فرجة كسرت حالة الجدة والصرامة التى من الممكن أن تصيب العمل لو تم الاعتماد على تنفيذ مباشر لنص الكاتب وهذا هو دور المخرج، ربما تكون هناك أشياء كانت ضرورية الوجود مثل أغنية البقرة الحلوب لأحمد فؤاد نجم وغناء الشيخ إمام خاصة انه كان يعبر بالغناء والرقص عن الحالة التى عليها أبطال العرض ، فقد كان يتكلم فى تلك المنطقة عن أن مصر تستنفذ منذ بدء الخليقة من الفاسدين ومازالت واقفة على قدميها، وقد شكل محمود صدقى قاعة صلاح عبد الصبور التى عرضت بها المسرحية على أنها مظلة مشلوح عليها شخص ما أعلاها مما أعطى حالة تناسب رسالة العرض فى انتظار الأمل الذى من الصعب حضوره ولكنه ليس مستحيلا.
لعبت الموسيقى الحية المتواجدة فى القاعة دورا مهما فى بعث حالة من الفرجة الجيدة الذى لم تسمح للمتفرج أن يصاب بحالة من الملل أو الشرود وشاركت بدور مهم فى تصاعد درامى للعمل وكان صوت أحمد سليم ومريم هانى جيدين جدا.
وتبقى الأزمة الدائمة التى تواجه مسرح الطليعة والتى يجب البحث لها عن حل وهى سوق العتبة العشوائى الذى يشكل القبح بعينه أمام الطليعة والعرائس ، ويبدو أنه لا حل غير البحث عن مكان آخر لدخول المسرح من جهة مسرح الأزبكية أو المسرح القومى.