الجمعة 9 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«أنت أقوى من المكسرات»

«أنت أقوى من المكسرات»






أول يوم صيام، والأعصاب متوترة، ولا طايق تقرا، ولا عارف تنام، والصداع بيفرتك دماغك، لا قهوة، لا شاى، لا تدخين، وأنت راجع من الشغل، عملت 20 خناقة مع سواقين التاكسى والميكروباص والأتوبيس والمارة، فى الشارع، أعصابك مشدودة، رغم الانصراف مبكرا بحجة «أنا صايم» و«رمضان كريم»، ورغم أنك لم تقدم عملا حقيقيا طوال اليوم، وغالبا طوال الشهر لن تقدم أى عمل، الزحمة بتضغط على أعصابك أكثر وأكثر، حتى لو زوغت من الشغل، وقعدت فى البيت وزميل لك وقع مكانك، أو اعتبرته يوم إجازة عارضة أو مرضى، نفس الوضع، لا تغيير، أعصابك كوتر مشدود يصدح لحنا واحدا صارخا،  مزعجا، فى البيت أيضا، بتتلكك على أى حاجة، مش طايق حتى نفسك!.
فى جو ملتهب زى ده، كان لازم أكتب حاجة خفيفة، لطيفة، تشدك تقرا، تتسلى، تبتسم حتى، بلاش تضحك، لكن للأسف، أعصابى أكثر منك توترا،  وليست مهمتى ولا مهنتى تسلية حضرتك، لأن شهر رمضان، وعبادة الصوم لا تعنى الكسل والراحة، العمل عبادة أيضا.
تحب أصدمك أكثر، إنتاجية العامل المصرى فى  المرتبة الـ130 على المستوى العالمى وهو المركز قبل الأخير، ومتوسط إنتاجية العامل المصرى 20 دقيقة يومياً من إجمالى عدد ساعات العمل والمقدرة بـ 8 ساعات.
الأرقام الصادمة صادرة فى إحصائية عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
ديننا الإسلامى يحث، على العمل فى أكثر من 50 موضعا من آيات القرآن وأحاديث الرسول «ص» ونحن ننتهز الشهر الكريم لنعمل 20 دقيقة فقط!!
صدعتك أكثر ووترت أعصابك زيادة، كلامى ليس السبب عموما، السبب فى التوتر والعصبية هو  «المزاج» .
لا تتعجب، نعم المزاج،  فبحسب  الأرقام الرسمية عندنا 2 مليون مقهى فى مصر، منها  150 ألف مقهى فى القاهرة وحدها، ويبلغ حجم إنفاق المترددين عليها  40% من راتبهم.
الأرقام أيضا من إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والتى ترصد أن  التكلفة الاقتصادية التى ينفقها المصريون سنويا على تدخين السجائر والشيشة 40 مليار جنيه.
 صدقت أن «المزاج» سبب صداعك وتوترك،  وليس الصيام،  كفاية
ولا تحب نكمل؟
نكمل.. حجم استيرادنا من المعسل والشاى والبن والنسكافيه سنويًا 25 مليار جنيه.
صدمة أخيرة.. فى أول يوم صيام،  طبعا حضرتك إما «عازم أو معزوم» لكن حضرتك فكرت فى حجم استهلاكنا فى شهر الصيام والعبادة؟!
الأرقام الموثقة تقول إن الأسر المصرية تنفق 250 مليار جنيه سنويًا على الطعام، شهر رمضان وحده يستأثر بالنصيب الأكبر منها مقارنة بباقى شهور العام حيث يصل حجم مبيعات الطعام خلاله إلى 45 مليار جنيه بواقع 1.5 مليار جنيه يوميا.
سعادتك وأنا ومعنا الشعب «الصايم» نستهلك فى  شهر رمضان نحو 30 مليار رغيف خبز و160 مليون دجاجة  و170 ألف طن فول مدمس و120 ألف طن من الأسماك، ويرتفع  معدل استهلاكنا من  اللحوم 3 أضعاف الشهور العادية ويصل معدل استهلاك الأرز إلى 76 ألف طن والمكرونة إلى 28 ألف طن و100 ألف طن حجم الاستهلاك من الحليب و60 ألف طن زبادى.
يعنى مصروفات شهر رمضان تعادل تكاليف 90 يوما عاديا،  بالإضافة إلى ازدياد نسبة استهلاك المكسرات بنحو 25% .
بمناسبة المكسرات، الأسعار أقل من العام الماضى حقيقى، لكن لا أجد مبررا واحدا لشراء وزارة التموين زبيب من إيران ومشمشية تركى لتبيعها لنا وتدعم الاقتصاد التركى والاقتصاد الإيرانى.
وزارة التموين والتجارة الداخلية، أعلنت عن  طرح السلع بالمنافذ التابعة بأسعار مخفضة من 15% إلى 20%.
وقالت إن سعر كيلو الكاجو 267 جنيها.. اللوز بـ189.. بندق بـ156 جنيها.. زبيب أحمر مصرى بـ28 جنيها.. ومشمشية تركى 65 جنيها.. قراصيا بـ64 جنيها.. زبيب إيرانى بـ 69 جنيها... وقمر الدين سورى لفة بـ26 جنيها.
ببلد تتقشف ووزارة تموينها تدعم الاقتصاد التركى،  معادلة مخجلة،  حملات للمقاطعة تحت شعار كل قرش تدفعه فى منتج تركى يعود رصاصة فى صدر أولادنا،  وحكومة تشترى بالملايين منتجات يمكن الاستغناء عنها،  بدلا من إطلاق حملة «أنت أقوى من المكسرات».!