الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الرقابة على دستورية القوانين

الرقابة على دستورية القوانين






يعتبر  الدستور  هو القانون الأساسى فى كل دول العالم، ويتعين على قوانين الدولة الالتزام والتقيد بما ورد فيه من أحكام، وبذلك يتحقق تطبيق مبدأ المشروعية الدستورية الذى يعنى خضوع كافة القوانين لقواعد الدستور، والتقيد بمبدأ تدرج التشريعات، ولذلك نشأت الحاجة لإيجاد آليات للرقابة على دستورية القوانين التى تكفل ضمان احترام الدستور فى حد ذاته، وقد اختلفت الدول فى تحديد وتشكيل تلك الآليات المنوط بها مهمة الرقابة على دستورية القوانين وصلاحياتها.
وهناك  وسيلتان للرقابة على دستورية القوانين؛ أولاهما، تولى هيئة سياسية مراقبة دستورية القوانين، وتتكون هذه الهيئة من أعضاء إما أن يعينوا أوينتخبوا من طرف السلطة التشريعية أوالسلطة التنفيذية أوكليهما، ولكن يعيب تلك الرقابة السياسية أنها  قد تنحاز إلى السلطة التى ساهمت فى تكوينها، فضلا عن نقص الكفاءة القانونية لأعضائها، والوسيلة الأخرى هى الرقابة القضائية على دستورية القوانين، حيث توكل المهمة إلى سلطة قضائية مختصة، وفى هذا النوع من الرقابة يوجد نموذجان من الرقابة : الأمريكى الذى يُوكل هذه المهمة إلى المحاكم القضائية العادية، والنموذج الأوروبى الذى يقوم على إحداث محكمة خاصة تسمى المحكمة الدستورية، وتضمن تلك الرقابة القضائية  معالجة دستورية القوانين بروح قانونية خالصة، فيبحث القاضى الدستورى -  بحكم طبيعته وتكوينه -  فى مدى مطابقة القانون للدستور، كما  أنها تخضع لإجراءات قضائية تتسم بالعدل، والمواجهة بين الخصوم، تمكِّنهم من أداء مهمتهم بحيدة وتجرد.
وثمة ثلاثة طرق للرقابة القضائية على دستورية القوانين، أولاها طريق الدعوى المباشرة والثانى الدفع بعدم الدستورية  والثالث الدفع المقترن بعدم الدستورية.
فالرقابة القضائية عن طريق الدعوى المباشرة، تسمى (رقابة الإلغاء) وهى رقابة لاحقة على إصدار القانون، ومن ثم يقوم الأفراد أوهيئات الدولة، التى يمكن أن تتضرر من تطبيق القانون برفع دعوى أصلية مباشرة  أمام المحكمة المختصة ضد القانون الذى يعتقد أنه يتعارض مع الدستور ، ويطلب فى تلك الدعوى الحكم بإلغاء القانون المخالف للدستور، أما الرقابة القضائية على دستورية القوانين عن طريق الدفع بعدم الدستورية فتسمى (رقابة الامتناع)، وهذا النوع من الرقابة لا ينص عليه الدستور، وإنما يستنتج من صفة الدستور فإذا كان جامدا ولم يمنع القضاء من ممارسة تلك الرقابة صراحة حق له ممارستها عن طريق الدفع،  والقول بغير ذلك يعنى هدم فكرة مبدأ دستورية القوانين ووضع الدستور فى نفس المرتبة مع القوانين الأخرى، مما يتنافى وجمود الدستور الذى يختلف عن القوانين الأخرى لأنه المصدر الأساسى لكافة لقوانين واللوائح، والطريق الثالث، فهوالرقابة القضائية عن طريق الدفع المقترن بعدم الدستورية، وذلك بأن يتقدم الأفراد بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام المحاكم , فإن اقتنعت بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية، وهذه الرقابة تفترض وجود دعوى يُراد فيها تطبيق قانون معين فيدفع أحد الخصوم بعدم دستورية هذا القانون , وفى هذه الحالة لا تفصل المحكمة فى صحة الدفع بل تؤجل النظر فى الدعوى وتحيل الطعن فى دستورية القانون إلى المحكمة الدستورية التى يكون لحكمها حجية مطلقة تجاه الكافة،  وتلافيا لعيوب الرقابة القضائية بطريقة الدعوى الأصلية المباشرة من ناحية , والرقابة القضائية بطريقة الدفع الفرعى من ناحية أخرى , فقد اتجهت بعض الدساتير التى أخذت بالرقابة القضائية على دستورية القوانين إلى المزج بين طريقتى الرقابة القضائية، لهذا تنص الدساتير التى تأخذ بهذا النوع من الرقابة على ضرورة نشر القرارات بنفس الطريقة التى تنشر بها التشريعات العادية.
وهوالاتجاه الذى تبناه المشرع المصرى فى دستور 2014 (استمرارا لنهجه فى دستور 1971)، فقد حددت المادة 192 المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بأن تتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وأوجبت المادة 195 ضرورة أن تُنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، ويُنظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعى من آثار.
وبالقانون .. تحيا مصر،،