
احمد رفعت
أسواق رمضان وإعلام الشيطان!
لأول مرة منذ دخول عدد من الوزارات المهمة على خط مواجهة الجشع والاستغلال وتوفير منافذ لبيع السلع وخصوصا اللحوم أن تنتهى هذه المنافذ مبكرا من مخزونها عند العصر رغم كميات اللحوم الكبيرة المعروضة! ما الذى جرى؟ إللى جرى ببساطة هو إقبال لا مثيل له من المصريين على هذه المنافذ.. ثقة كبيرة من الأهالى الذين يشترون ما يشاءون بتقديرات المستهلكين المضطربة والمتخوفة دائما من تقلبات الأسعار ومع ذلك تعاملت المنافذ بسلوك التجار أيضا ولم تضع شروطا للبيع ولم تحدد كميات لكل فرد أو لكل أسرة بل اشتروا جميعا أى كمية يرغبون فى شرائها كل ما قام به مسئولو المنافذ والمجمعات هو الوعد بامتلائها وتوافر كل أنواع اللحوم فى الصباح المبكر جدا من اليوم التالى!
وفى اليوم التالى تكرر المشهد.. مجمعات ومنافذ تعج بكل أنواع اللحوم وحركة بيع وشراء لا مثيل لها.. وتعامل باحترام من الداخل إذ على الرغم من التزاحم الذى لا مبرر له إلا ما أسميناه ويسميه خبراء الاقتصاد بسلوك المستهلكين وتوقعاتهم (غير الصحيحة فى الحالة السابقة) إلا أنه لم تحدث معركة واحدة ولا مشادة واحدة طبقا لتقارير ومشاهدات ومتابعات أغلب الصحف ووسائل الإعلام المصرية!
المشهد السابق تكرر قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام واستمر حتى الأيام الأولى منه.. واعتقادنا أنه استقر عندما استراحت الأسرة المصرية من الحصول على احتياجاتها الأساسية وتحقيق مخزون نسبى وآمن منها.. بالأسعار المحددة التى انخفضت قبل رمضان وليس العكس! وانخفض سعر كيلو اللحوم من تسعين جنيها إلى خمسة وثمانين جنيها! ربما للاستفادة من سعر الجنيه المصرى المتزايد فى القيمة أمام الدولار أو ربما لأسباب أخرى.. إلا أنه وفى الحالتين وقفت الدولة إلى جانب المستهلكين الذين هم غالبية أبناء شعبنا!
مشهد آخر من الأسواق لا يمكن إغفاله رغم أننا أشرنا إليه من قبل بل يستحق أيضا مقالا جديدا منفردا وهو مجهود مباحث التموين.. فالأسواق ليست أسعارا فحسب.. إنما سلع تقبل الاستهلاك الآدمى أو لا تقبل.. ولا يصح تسرب الأخيرة إلى بطون المصريين الذى يعود بأمراض لا أول لها ولا آخر.. وهو ما يحققه الآن رجال شرطة التموين بشكل لم يسبق له مثيل..
الذين تاجروا بمعاناة المصريين طوال الأشهر الماضية أين هم الآن من هذه المشاهد؟ رمضان هذا العام بلا شكوى تقريبا لا من حجم المعروض من السلع ولا من نوعيته ولا جودته ولا أسعاره.. فأين هؤلاء؟ اختفوا كالجبناء ككل مرة.. واللهم أنى صائم!