«تويتة» جرينبلات

الأحداث السياسية لا تقاس بتفاصيلها اللحظية فقط، وإنما تسبقها وتلحق بها وقائع من الأهمية لا تقل عن الحدث نفسه، ولا يُمكن تقييم الحدث أو الفعل إلا بقياس الظروف المحيطة به والأحداث المتلازمة معه.
وخلال السنوات العشر الأخيرة شهدنا متغيرات سريعة ومتلاحقة لواقع ظل راكدًا لسنوات طويلة، وجاءت سرعة المتغيرات متواكبا معها تدفق تسريبات وترديدات كثيرة لعبت دورًا مهمًا فى صياغة أحداث الواقع الجديدة، لكن أغلبنا لم يتنبه لمدى دقة هذه التسريبات كونها كانت متلازمة مع المتغيرات ومتواكبة مع المناخ السائد.
بعد سنوات بدأت تتكشف حقيقة بعض هذه التسريبات، واعتقد أن السنوات المقبلة ستكشف عن حقيقة ترديدات أخرى لعبت دورًا مقصودًا فى تدهور واقعنا، بما سيتيح لنا الدقة فى تحليل ما جرى ومعانيه وأهدافه بشكل أكثر صحة، ومن دون تحيز أو هوى.
من أبرز تلك الترديدات واقعة استيلاء الرئيس الأسبق حسنى مبارك وأبنائه على 70 مليار يورو وتهريبها للخارج، والتى تم إطلاقها وتناولها فى الإعلام العالمى والمحلى فى توقيت رسخ وكرس أزمة بلا حل، ثم تبين بعدها أنها واقعة كاذبة واعتذر مروجوها ولكن بعد أن حققت الترديدة أهدافها.
ولولاحظنا تلك الترديدات والشائعات عن تورط رجال الجيش المصرى فى الاعتداء على المتظاهرين فى محمد محمود وإطلاق النار عليهم، واتهام الجيش بأنه الطرف الثالث الخفى المثير للأزمات والاشتباكات المسلحة والتى تبين بعد ذلك أنهم أعوان الإخوان وبلطجية استأجروهم للتحريض السياسى وإثارة الأزمات ولصق الاتهامات بالغير.
على مدار سنوات طويلة عانينا من الشائعات والأكاذيب والترديدات لا تُعد ولا تُحصى، وسيكشف الزمن مدى خطورة هذه الأكاذيب على ما لحق بنا، والأهم هوأن يأتى النفى والتصويب للواقع من الخارج، وليس من أى طرف من الأطراف المعنية.
 «تويتة» جرينبلات مبعوث ترامب للشرق الأوسط واحدة من التطورات الكاشفة للترديدات الكاذبة المُستهدفة لإثارة الأزمات وتوجيه الاتهامات، وهوقال إن كل ما يتردد عن تنازل المصريين عن أجزاء من سيناء لصالح الفلسطينيين فى صفقة القرن أكاذيب ولا أساس لها من الصحة، والرجل أبدى اندهاشه من اختراع وقائع وتصديقها وترديدها ونشرها رغم أنها كاذبة ولا تستند على معلومة أوتصريح، بل بالعكس يتواصل ترديدها رغم نفيها.
«تويتة» المسئول الأمريكى أوضحت مدى خطورة الترديدات المرسلة غير المستندة على حقائق أوتصريحات رسمية، وقدرتها على خلق أزمات وإثارة مشكلات، وتحقيق أهداف تتعلق بالتحريض السياسى من أجل إساءة السمعة والتشكيك فى الوطنية.
والـ «تويتة» تكشف فعليًا عن جهاز ضخم وراء هذه الترديدات يتكون من أدوات إعلامية دولية مهمة، رددت هذه الترديدات وقامت بتسويقها عبر شبكة أخطبوتية، ومن خلال الشبكة العنكبوتية، وتلقفتها جماعات إرهابية مثل الإخوان وحلفائها وأعوانها السياسيين، لترويجها فى المجتمع، وتوسيع نطاق تأثيرها، من أجل الإساءة للدولة الوطنية المصرية وقائدها السياسى، واتهامها بالتواطؤ مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، والتنازل عن الأرض المصرية لصالح الغير.
من هنا تأتى أهمية «تويتة» المسئول الأمريكى رفيع المستوى السيد جرينبلات، وهى دليل راق وصارم فى كشف ما يجرى لمن يريد أن يعى ويستوعب.