السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إيران والعالم

إيران والعالم






اليوم يبدأ وزير الخارجية الأمريكى زيارة مهمة إلى روسيا يلتقى فيها نظيره الروسى لافروف والرئيس فلاديمير بوتين، فى زيارة ستتصل بالقطع بالأزمات الثلاث المتفجرة فى العالم وأعنى بها إيران، وفنزويلا، وإدلب السورية، وربما الأبرز والأخطر فيها هو الموقف الإيرانى والاتفاق النووى.
يتصور البعض أن الأزمة الإيرانية ترتبط فقط بعدم التزامها بنود الاتفاق النووى الموقع مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب الخمسة، وأن ما يدور الآن من مواجهات هى محاولات للتنصل من هذه الاتفاقية من جانب الغرب .
والحقيقة أن الغرب بشكل عام لا ثقة فيه، وهو يستخدم مفاهيم راسخة ومستقرة مثل التعامل مع كل حالة على حدة، أو الفصل فى التعاطى بين النزاعات، من أجل تبرير انحيازاتها والحفاظ على مصالحه، حتى ولو كانت على حساب الآخرين، ولذلك فلا مجال للدفاع عن الغرب فى مواقفه من إيران .
ما يخصنا هنا هو السياسة الإيرانية فى الشرق الأوسط، وهى بلا شك سياسة عدوانية تجاه الأقليم وتمثل مخاطر حقيقية على الأمن القومى العربى، وعلى مصالح شعوب المنطقة العربية، سواء بالانحيازات أو بتفجير الصراعات
إيران نجحت فى تنفيذ مبدأ تصدير الثورات للدول الأخرى، من خلال التدخل فى الشئون الداخلية لكل دولة، سواء بالتمويل أو الدعم بالتسليح أو بالمساندة السياسية فى الأزمات والصراعات داخل الدول المستهدفة.
مشكلة إيران فى نظرتها للأقليم إنها لا تستطيع أن تنسى تاريخ الاستعمار الفارسى للمنطقة، وهى تعتبر أن هذه المنطقة إرثا لها، يجب استعادته، وأنه جزء من التاريخ والحضارة الفارسية، يجب بسط السيادة والنفوذ الإيرانى عليها مجددا .
نظرة بسيطة على التحركات الإيرانية فى المناطق العربية المتاخمة لحدوها، أو ما تعتبره منطقة العمليات الحساسة وثيقة الصلة بالمصالح الأمريكية، نستطيع رصد الدعم العسكرى والمساندة المالية واللوجستية للحوثيين فى اليمن على مدخل باب المندب بالبحر الأحمر، ولحزب الله فى الجنوب اللبنانى المُستخدم الآن فى إثارة الأزمات السياسية داخل لبنان، والدفع بالحرس الثورى داخل سوريا تحت مزاعم مساندة الدولة الوطنية السورية، إلى جانب إثارة المشكلات بين السنة والشيعة فى البحرين لهز استقرار البلد العربى الصغير، وانتشار كثيف فى دول شرق إفريقيا على الساحل الشرقى للقارة من خلال فرق التشييع والتجنيد بالأموال والمساعدات الغذائية فى المناطق والقرى الفقيرة فى القارة، إلى جانب توفير ملاذات وملاجئ آمنة لقادة إرهابيين.
المشكلة الأساسية بين إيران والغرب ليس الالتزام المٌطلق ببنود الاتفاق النووى، إنما فى  سياسات إثارة القلاقل والمشاكل فى الإقليم، والأطماع التوسعية بالمنطقة، واختراق سيادة الدول، والتدخل فى شئونها الداخلية، وهى تمثل بالنسبة للغرب تهديدات لمصالحها فى المنطقة، وهى تمثل بالنسبة لنا أيضا تهديدات لمصالحنا وأمننا القومى ومصادر ثرواتنا الوطنية، وعلاقاتنا الاستراتيجية فى القارة السمراء.
مشكلة إيران مع العالم تتجاوز اتفاقية أو بنود بها إلى تعريض مصالح الغرب للخطر وتهديد الدول العربية باحتلال أراضيها والتدخل فى شئونها الداخلية، وبغض النظر عن مصير ومستقبل هذه الأزمة، فإنه مؤكدا أن إيران باتت تمثل خطرا علينا.