
صبحي مجاهد
تطهير النفس فى رمضان
يظل الإنسان فى حياته فى صراع مع نفسه التى ترغب فى كل ملذات الحياة فيتمنى الغنى و كثرة الأبناء، والشهوات، لذلك كانت العبادات حائط صد تقف امام نزوات النفس وسوستها، ويأتى رمضان ليزيد من مقاومة الإنسان لنفسه كى يصل إلى الصفاء مع الله , ومع الناس، ومع النفس.
إن تحقيق تطهير النفس فى رمضان يأتى فى اتجاهات عدة حيث تأتى بداية فى التعامل مع الناس، ومقاومة الحسد للغير، ورفض غيبة الآخرين أو ذكرهم بأمور يكرهونها، والابتعاد عن تعطيل الغير عن عمله.
ثم ننتقل بتطهير النفس فى هذا الشهر إلى تحقيق الإيمان فى القلب، بزيادة الذكر والتعبد والصلاة، والدعاء فيتحقق به الهداية والفلاح، مصداقًا لقوله تعالى :» قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى «، ويبتعد قد الإمكان عن غيثار الدنيا على الآخرة، حيث حذرنا جل وعلا من هذا فى قوله العزيز: «بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى»، وأن ينتقل بهذا الإيمان إلى اليقين بالله والمتمثل فى الإيمان بأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوا الإنسان بشيء لم ينفعوه إلاَّ بشيء قد كتبه الله له , ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلاَّ بشيء قد كتبه الله عليه، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
وامر آخر على الإنسان إلى يسرع إليه الإقلاع عن ظلم النفس،) لأن نفس العبد ليست ملكاً له يتصرف فيها بما يشاء، وإنما هى ملك لله تعالى قد جعلها أمانة عند العبد وأمره أن يقيم على طريق العدل، بإلزامها الصراط المستقيم علماً وعملاً، فيسعى فى تعليمها ما أمر الله تعالى به، ويسعى فى العمل بما يجب. فسعيه فى غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة، وعدول بها عن العدل الذى ضده الجور والظلم.
إن النفس الطاهرة التى يطهرها الإنسان فى هذا الشهر الكريم يتحقق لصاحبها الثواب الذى جعله الله لعباده الصائمين، حيث تصل بصاحبها إلى الطمأنينة، واليقين والإيمان وحسن المعاملة والرحمة، وكلها معانى اتى الإسلام ليؤصلها فينا لنكون قدوة لغيرنا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لنا وللعالمين مصداقا لقول الله تعالى: «لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر»، فهنيئًا لمن طهر نفسه فى الصوم، وهنيئا له برضوان الله ورحمته.