السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بدل الحدوتة 3

بدل الحدوتة 3






الفارق بين حلقات بدل الحدوتة 3 وغيرها من دراما رمضان، أن الأولى لا شبه لها بين الآخرين، وأنها تتميز بتفردها فى الشكل والمضمون، والسيناريو والحوار، بينما الباقى كله لا يختلف عن بعضه، وتشعر وأنت تشاهد مسلسل أنك تابعت مشاهد مشابهة له فى مسلسل آخر.
لا يُستثنى من ذلك الا مسلسل كلبش 3 ، وهو استثناء مُرتبط بطبيعة العمل الدرامى، وكونه متتابعا ومتتاليا للسنة الثالثة على التوالى، ويناقش قضية محددة، من كل زواياها، وبكل تفريعاتها، وتداعياتها.
يقولون إن الأعمال الفنية الراقية الناجحة، هى التى تعكس الواقع، ويتناسون عن عمد، أنها تعكس الواقع من أجل تطويره، أو من أجل تهذيبه، وارشاد الناس، لكن البعض يتناسى ذلك، لأنه لا يهتم بقواعد وأسس العمل الدرامى، قدر ما يهتم بأن ينافق الرأى العام.
أتذكر شخصية كبيرة لها احترامها وتقديرها، وهى تشيد بأداء بعض الممثلين لمشاهد تكرر الأفراح فى بعض الأحياء الشعبية، والإساءة لأغنيات رمز فى تاريخنا الفنى، مثل روائع الراحلة أم كلثوم، وتبرير الإشادة أنه مشهد يعكس الواقع، بينما هو فى حقيقته يُكرس لواقع أليم، واقع متراجع، واقع يُسهم فى انهيار الذوق العام.
وعلى هذا الأساس يتميز «بدل الحدوتة 3»، لأنه يعكس لونا مختلفا، هو عمل يؤكد أن الفن ابداع وخيال، يقدم افكارا جديدة، أفكار يجب ألا تقف عند حدود الواقع والتعبير عنه، قدر ما يسهم فى تطوير العقلية البشرية بما يقدمه من أفكار جديدة.
الرؤى الجديدة فى العمل الدرامى، تسهم فى الرقى بالعقلية الجمعية للناس، وتساعد فى تنمية وتطوير قدرات الناس على الإبداع والابتكار، ولأن كل عناصر الحياة تقوم على الإبداع والابتكار، ولأنها تتفاعل مع هذه الأعمال الإبداعية، فإن عملا فنيا مثل هذا المُنتج، يجد طريقه سريعا ومباشرا إلى قلوب الناس.
اللافت أنها ليست المرة الأولى التى نشهد فيها عملا متميزا كهذا عمل، إنما هو مشهد إبداعى متميز ومختلف ومتكرر كل رمضان، من قبل كانت «الـ لا لا لاند»، وقبلها كانت «نيللى وشريهان»، وقبلها فى غير رمضان كانت «لهفة»، وهو تواصل فى الأعمال الإبداعية المتميزة، يشير إلى قصدية وتعمد وليس مجرد مصادفة أو ضربة حظ.
نحن أمام حالة تتطلب تعاملا مختلفا، حالة تقتضى البحث عن أدوات ووسائل تسهم فى توسيع نطاق إنتاج مثل هذه أعمال فنية متميزة ومبدعة، تخرج بنا من حدود التقليدية البغيضة، والافكار المُكررة النمطية من مخدرات وقتل وفساد وجنس وعصابات وبلطجية، وكأن الدراما هى هذه العناصر، وكأن حياتنا هى هذه الصفات وفقط .
«بدل الحدوتة 3» عمل فنى راق متميز، علينا جميعا أن نرفع له القبعة، لأنه عمل متكامل من أول الفكرة إلى التعبير عنها مرورا بالأداء الرفيع لأبطاله وانتهاء بإخراج وتصوير بلور كل المعانى الجميلة على الشاشة.