إنها مصر.. ياخوارج العصر
قال الحجاج بن يوسف الثقفى عن مصر والمصريين فى وصيته لطارق بن عمرو: لو ولاك امير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل فهم قتله الظلمة وهادمو الأمم ،وما اتى عليهم قادم بخير إلا التقموه كما تلتقم الأم رضيعها, وما اتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب, وهم أهل قوة وصبر وجلدة وحمل, و لايغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم, فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه.
فاتق غضبهم، ولا تشعل نارا لا يطفئها إلا خالقهم، فانتصر بهم؛ فهم خير أجناد الأرض وأتقوا فيهم ثلاثا:
1- نساءهم، فلا تقربهم بسوء وإلا اكلوك كما تأكل الأسود فرائسها.
2- أرضهم، وإلا حاربتك صخور جبالهم.
3- دينهم، وإلا احرقوا عليك دنياك.
صدق الحجاج فهذه هى مصرنا الحصينة، لكنك عندما تغوص فى صفحات مايسمى بصفحات التواصل الاجتماعى ؛ وبعض أعمدة الصحف الصفراء المأجورة بالأموال المشبوهة العفنة ؛ لخدمة توجهات وأغراض الهدم التى لم تعد تخفى على أحد؛ تجد أن هناك الكثير من هذه الصفحات لبعض الموتورين والمنافقين الذين يعملون على تشويه صورة مصرنا المحروسة فى المرحلة الصعبة الآنية، ومعايرتها بوجود بعض المشاكل المستعصية التى تراكمت خلال السنوات الماضية وغير ذلك من بعض التفاهات، ولا هم لهم سوى وضع العصا فى عجلة حركة التاريخ؛ من أجل إفشال المرحلة الحالية بقيادتها الوطنية الشريفة المقصد والهدف. ولكنى أدعو هؤلاء إلى قراءة واستيعاب ماشهد به القاصى والدانى على مر التاريخ.
فها هو ما نقله «المقريزى» فى كتابه «الخطط والأثار» وهو من أجمل ما قرأت فى وصف أم الدنيا مصر:
«مصر متوسطة الدنيا قد سلمت من حرّ الإقليم الأوّل والثانى ومن برد الإقليم السادس والسابع ووقعت فى الإقليم الثالث فطاب هواها وضعف حرّها وخف بردها وسلم أهلها...»، وهذا بعض مما ذكر من كلام ودعاء بعض الأنبياء عليهم السلام لمصر وسر تسميتها بأم البلاد: دعاء نوح عليه السلام لها قال عبدالله بن عباس: «دعا نوح عليه السلام لابنه بيصر بن حام أبومصر فقال اللهم إنه قد أجاب دعوتى فبارك فيه وفى ذريته وأسكنه الأرض الطيبه المباركة التى هى أم البلاد، وقال عبدالله بن عمرو: لما خلق الله آدم مثل له الدنيا شرقها وغربها وسهلها وجبلها وأنهارها وبحارها وبنائها وخرابها ومن يسكنها من الأمم ومن يملكها من الملوك، فلما رأى مصر رآها أرضًَا سهلة ذات نهر جار مادته من الجنه تنحدر فيه البركة و تمزجه الرحمة...»، وقال السيوطى فى كتاب «الخطط»: يقال إن (مصر خزائن الأرض كلها فمن أرادها بسوء قصمه الله)، وأما عما قاله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فسأكتفى بالحديث الصحيح الذى ورد فى صحيح مسلم عن أبى ذر: «إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً». وعن عمر بن الخطاب أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفاً فذلك خير أجناد الأرض فقال: ولم يارسول الله قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة، وهذا ما دار بين عمر بن الخطاب ووالى مصر عمرو بن العاص حيث كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص قائلا: «أما بعد فإنى قد فكرت فى بلدك وهى أرض واسعه عريضة رفيع، قد أعطى الله أهلها عددًا وجلدًا وقوة فى البر والبحر، قد عالجتها الفراعنة و عملوا فيها عملاً محكمًا، وأحب أن تكتب لى بصفة أرضك كأنى أنظر إليها، والسلام.
ولعلنا نذكِّر هؤلاء الموتورين الذين لاهم لهم سوى الكذب والافتراء على مصر؛ بأنه كان بها الخليل إبراهيم، وإسماعيل وإدريس ويعقوب ويوسف وإثنا عشر سبطًا، وولد بها موسى وهارون ودانيال وأرميا ولقمان، وكان بها الخضر وآسيا امرأة فرعون وأم إسحاق ومريم ابنة عمران، وماشطة بنت فرعون، ومن مصر تزوج إبراهيم الخليل هاجر أم اسماعيل و تزوج يوسف من زليخا، ومنها أهدى المقوقس الرسول عليه الصلاه والسلام ماريا القبطية فتزوجها و أنجبت له إبراهيم.
يا من تتطاولون على مصر ، هذه مصر؟ هى من علمت العالم كله الحضارة، وهى بلد الأديان التى احتضنت العذراء، وقادها يوسف، وموضع الكليم موسى، وأوصى بها الرسول. مصر من حاربت اسرائيل دفاعاً عن فلسطين، مصر التى دافعت عن الإسلام ضد التتار، وهى من دفعت الثمن من دماء أولادها و قوتها من أجل العرب، وسُرقت مواردها قروناً، وما زال شعبها قادرًا على الحياة، نحن شعب نثور وننفجر فى وجه الطغيان، قد نسامح أحياناً ويأخذنا الصبر أزمانًا ولكننا بركان نار لكل الأعداء، مصر أسد العرب: قد تمرض أحيانا ولكنها لن تموت، مصر: شعبها كريم مسامح ولكن غضبه جحيم ونار، وجيشها جنوده وحوش فى المعارك، ورجالها عزمهم يحطم الفولاذ، وشبابها منارة للعلم والتحدى، ونساؤها عفيفة طاهرة أم وأخت وزوجة بألف رجل، وشيوخها حكماء الدهر، وأطفالها ربيع العرب المقبل.
هذه هى مصرنا.. حصننا المنيع أيها الموتورون والعملاء خوارج العصر الحديث، فاتقوا الله فى مصر والمصريين. ولها ندعو أن تظل بلد الأمن والأمان عصية على الانكسار أو الاندحار على مر الزمان.ولننشد معا، مصر يا أم البلاد أنت غايتنا والمراد!