الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الصيام وريح المسك»

«الصيام وريح المسك»






هذا حديث محفوف بالمخاطر، أشبه بحد السكين، السيوف مشرعة، تضوى فى شمس حارقة، جاهزة لتنغرس فى رأسك وعنقك وقلبك، لن يصمت عليك الكثيرون، الإتهامات جاهزة .. إنكار معلومات من الدين بالضرورة، تهمة ازدراء الدين فى انتظارك، ومع ذلك أجدنى لا أستطيع ألا أكتب عن رمضان فى الحر .. صيام وحر يؤديان بالضرورة إلى  انبعاث رائحة كريهة من فمك وجسدك إذا أهملت فى نظافتك الشخصية.
رائحة الفم الكريهة أمر - فى الغالب- لن تشعر به بقدر ما يشعر به المحيطون، تبدأ الناس فى اتخاذ مواقف وتتجنب الاقتراب، أو الحديث معك، وقد تحاول  لفت نظرك وإخبارك الحقيقة فى وجهك.
سترد بالحديث الشريف.. عن أبى هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذى نفسى بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك .
إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلى ... فالصيام لى وأنا أجزى به، كل حسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لى وأنا أجزى به».
لكن ..هل يعنى الحديث الشريف  إجازة تلك الروائح الكريهة من البعض والتى تصادفنا طوال رمضان؟ .. هل ديننا يقصد إهمال نظافة الفم فى رمضان للحصول على خلوف فم هو أطيب عند الله من رائحة المسك؟
قبل الإجابة عن السؤال، أظن أنى لن أضف لك جديداً إذا تكلمت عن رسولنا الكريم (ص) وكيف كان طيبا يحب «الطيب» ويأمر الناس به، ونصائحه للناس  باستخدام السواك والاراك لتنظيف الأسنان، وقوله «ص»: لولا أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وأنه  نهى عن أكل الثوم والبصل عن حضور المجالس، وقول السيدة عائشة أنه عليه السلام كان يحب لون الخضاب وينصح من فى يدها خشونة أن تتخضب بالحناء.
وسن النبى «ص» غُسل يوم الجمعة، وقال إن النظافة من الإيمان، وإن المرء يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، وأمر رجل أشعث دخل عليه بتصفيف شعره وقال إن الله جميل يحب الجمال وأن خذوا زينتكم عند كل مجلس، وهو ما يعنى أن النظافة فى ديننا فرض.
 لاحظ أننا نتكلم عن سلوك بشرى من بداية الإسلام، من 1440 سنة هجرية، نصائح واهتمام شديد بالنظافة رغم البيئة الصحراوية القاسية التى عاش فيها الرسول والصحابة  قيظ حرها وندرة مياهها وتكرار مواسم الجفاف كان يدفع الرسول والصحابة  للصلاة كى ينزل المطر، كان الماء عندهم سلعة تباع وتشترى ومع هذا أُمِرنا بالتطهر والاغتسال والوضوء خمس مرات يومياً .
 إذن فهمنا للحديث الشريف  «والذى نفسى بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»... هو فهم مغلوط بالتأكيد، فليس معناه عدم الاهتمام بنظافتنا الشخصية.
السواك والاستياك بمعنى تنظيف الفم والأسنان بالسواك، سبب لتطهير الفم وموجب لمرضاة الله سبحانه وتعالى، كما ثبت من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب»
 كما ثبت من حديث عائشة رضى الله عنها أنها سئلت : بأى شيء يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته، قالت: «كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك»
العلماء أيضا اتفقوا على أن استخدام معجون الأسنان فى نهار رمضان للتخلص من رائحة الفم الكريهة لا يبطل الصيام.