
صبحي مجاهد
الرحمة حصن الصائمين
لا يختلف إنسان على أن الرحمة هى أولى خطوات الحب بين الناس، ولذلك حرص الإسلام وشرعه الحنيف على تأصيل معانى الرحمة بين العاملين، بل وجاءت العبادات لتؤصل الرحمة، وتجعلها سلوكًا عمليًا يتقرب به المسلم إلى ربه.
فكان الصوم رحمة ليشعر الجميع بما يعانيه الفقير من جوع، فالصائم الذى يصوم يومه ويأتى الجوع ليؤلم معدتنه فى نهاية النهار، لو تفكر أن بعد هذا الصوم لن يجد ما يشبعه عند فطره سيعلم حجم المعاناة للفقراء الذين يعانون للحصول على لقمة العيش.
ولم يجعل الإسلام فرصة إلا وأكد على تلك الرحمة، حيث إن من علامات سعادة العبد أن يكون رحيم القلب؛ فالرحيم أولى الناس برحمة الله، وهو أحب الناس إلى الناس، وأقرب الناس إلى قلوب الناس، وهو أحق الناس بالجنة، لأن الجنّة دار الرّحمة لا يدخلها إلّا الرّاحمون، قال نبى الرحمة: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء».
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالناس، وأشفق الناس على الناس، وأسعى الناس فى إسعاد الناس.. تألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخصال، وكريم الصفات والأفعال حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد.
إن الرحمة هى أكثر ما يحتاج له الناس، فلو دخلت قلوبنا وأدخلناها فى حياتنا وبيوتنا صلُحت أمورنا كُلّها، وعشنا أسعد حياة، وأحلى حياة، وحين تنعدم من القلوب الرحمة وتحل القسوة بدلًا منها فإنها تصبح مثل الحجارة أو أشد قسوة. قال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة}، قال عليه الصلاة والسلام: [وإن أبعد الناس من الله القلب القاسى]، ولن ينال رحمة الله يوم القيامة إنسان فظ قاسى الطبع، نزعت من قلبه الرحمة فقد قال صلى الله عليه وسلم: [لا تنزع الرحمة إلا من شقى).
إن التراحم هو وصف للمجتمع المسلم، وصف الله به أهل الإيمان، وتأتى الرحمة لتكون حصن الصائمين فيتراحمون فيما بينهم، وتزداد رحمتهم بالضعيف والفقير.