السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اليمين المتطرف ضد الإسلام فوبيا

اليمين المتطرف ضد الإسلام فوبيا






ماذا يجرى فى أوروبا؟ سؤال حيوى لم يعد البحث فى خلفياته رفاهية أو مضيعة للوقت، وإنما أصبح مهما لتحديد المستقبل، ومعرفة أولوياته، وكيفية التعامل معه، فى ضوء متغيرات مجتمعية حقيقية تشهدها القارة العجوز.
لا يجوز الاستهتار أبدا بمؤشرات نتائج انتخابات البرلمان الأوروبى الجارية حاليا، والتى ينتظر إعلان نتائجها النهائية فى غضون وقت بسيط، فالظواهر تشير إلى متغيرات حادة فى مزاج الأوروبيين ورغبتهم فى إظهار ذلك.
التصويت تم فى دول عدة لصالح تيارات اليمين المتطرف، على حساب الليبراليين، أو الاشتراكيين الديمقراطيين، أو حتى التجمعات السياسية الحديثة، التى ما أن حازت على أغلبية كاسحة فى انتخابات بلادها، إلا وتلقت هزيمة فى الانتخابات البرلمانية مثل ما جرى فى فرنسا بتراجع حزب ماكرون أمام حزب لوبان.
الشاهد أن البرلمان الأوروبى مازال ذو صلاحيات محدودة، وهو ربما يحمل قدرة تأثيرية على الرأى العام، أو يعكس ويترجم رأيا عاما، لكنه مازال حتى الآن، لا يملك قدرة تشريعية أو سياسية للتأثير فى قرارات الاتحاد الأوروبى وتبديلها.
صحيح أيضا أن الاتحاد الأوروبى وحكومات دوله، لا تعطى قرارات وتوصيات البرلمان الأوروبى دورا فى تحديد مواقفها وسياساتها، لكنها أيضا لا تستطيع تجاهل هذه التوجهات أو إنكارها، وإنما على الأقل التعاطى معها بمنطق الاستفادة.
كل ذلك مؤشرات تُحدد حدود ومساحات الحركة والتأثير للبرلمان الأوروبى، وهى وإن كانت حدود تُنكر سطوته فى القرار الرسمى للاتحاد، إلا أنها لا تنفى جذوره ونفوذه الشعبى، وتأثيره على الرأى العام، والذى يعكس من فترة حالة تشدد فى المواقف، دفعت سياسيين بارزين أوروبيين إلى منحه لقب « الطفل الشقى».
الحاصل أن تصويت الناخبين فى بلدان أوروبية عدة ومن أبرزها فرنسا والنمسا وإيطاليا والمجر بل وبريطانيا أيضا، سجل مؤشرا على احتمالات الفوز بمقاعد الدولة فى البرلمان الأوروبى، أو على الأقل فى توسيع وزيادة نسب تمثيل هذه التيارات وعدد مقاعدها، بما يتيح لها بلورة رأى عام وتشكيل قوة ضغط شعبى فى اتجاه سياسى مختلف لما ظل قائما لعقود جديدة.
شعارات محددة توضح بجلاء توجهات اليمين المتطرف وأهدافه، ومن «الانعزال وسد الحدود لإبعاد المهاجرين» إلى «تعزيز القوى السياسية المناوئة للهجرة فى أنحاء أوروبا» وانتهاء بـ«إعادة تشكيل القارة الأوروبية بعد انتهاء الانتخابات».
نحن إذا أمام هاجس واضح اسمه المهاجرين، وهو الملف الذى كان يلقى تعاطفا شديدا من الأوروبيين، ودعما شعبيا مستمرا وضغطا على الحكومات لاستقبال المهاجرين، لكنه الملف الذى انقلبت أموره رأسا على عقب فى السنوات الأخيرة.
المؤكد أن ظهور عامل التطرف الدينى من جماعات العنف والإرهاب فى السنوات الأخيرة، وانتشار عناصرها وأنصارها داخل هذه البلاد، ونجاح بعضها فى اجتذاب عناصر من سكان البلاد الأصليين، فتحولت إلى عنصر خطر يهدد الهوية الأوروبية، والثقافة الغربية، ويستنزف جزءا ليس بالقليل من حقوق سكان البلاد.
المؤكد أن الاتنخابات لن تنتهى إلى اكتساح اليمين المتطرف والسيطرة على البرلمان الأوروبى، لكن المؤكد أيضا، أن صعود تيار معادٍ للأجانب والمهاجرين، سيمثل بقدر كبير ضغطا على دول أوروبا بكل ما يمثله ذلك من تداعيات سلبية خصوصا أن هذه الجماعات تؤيد الخروج من الاتحاد الأوروبى.