الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«هشام عشماوى» فى الطريق إلى «عشماوى»

«هشام عشماوى» فى الطريق إلى «عشماوى»






تحليل يكتبه - رئيس التحرير
«ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها»
صدق الله العظيم

وكأنى أتلو هذه الآية الكريمة واقفًا على قبر الشهيد البطل «أحمد المنسى» أنظر إليه فى عليائه مع الصديقين والشهداء، بينما يتم تسليم الإرهابى الهارب هشام عشماوى إلى الدولة المصرية مكبلًا بأغلال العار والخيانة.
 «عشماوى» حالة خاصة تثبت أن الوطنية قرار وأن الخيانة أيضًا قرار، وأن الدولة المصرية لها أذرعها الطويلة، لا تتوانى ولا تكل ولا تمل ولا تنسى ثأرها ودماء شهدائها لا تسقط بالتقادم.
إذا ذكر «هشام عشماوى» فلنذكر معه أصل الإرهاب وأصل الشر «تنظيم الإخوان». فى قلب رابعة تواجد عشماوى، استقى عزيمة الإرهاب من عموم المشهد الإخوانى، وتحت سمع وبصر وبتكليف مباشر من قيادات مكتب الإرشاد المعتصمة على الدماء أسس الإرهابى هشام عشماوى تنظيم «أنصار بيت المقدس». فيما يعطى دليلًا دامغًا على أن الإرهاب عقيدة إخوانية راسخة فى أدبيات التنظيم وأن عباءتها هى المظلة الأساسية والباقية لكل صنوف الإرهاب، بل إنها لا تنفك عن خلق وتخليق ألوان جديدة لجماعات القتل واستباحة الدماء وشرعنة الخروج على الدولة.
■ ■ ■
«هشام عشماوى» هو أحد وكلاء تنظيم الإخوان الإرهابى فى كنفه نشأ ومن أجله تأسس، هو أول من بدأ عمله الإرهابى عندما استهدف نقطة شرطة النزهة، معلنًا بداية مشروع القتل على الهوية تنفيذًا لخطة التنظيم الإخوانى لإنهاك وإرباك الدولة المصرية، حاملًا عنوان «أنصار بيت المقدس».لو أن عشماوى منفصل عن تنظيم الإخوان لما كانت أحد الاتهامات الموجهة له رسميًا فى قرار الإحالة للجنايات هو التخابر مع حماس المصنفة جناحًا مسلحًا للتنظيم الدولى. بعدها انطلقت رصاصاته الغادرة لتستقر فى الجسد الشريف للشهيد «محمد مبروك» شاهد الإثبات الأول فى قضية اقتحام السجون المتهم فيها قيادات الإخوان.. سمسار الإرهاب الإخوانى ووكيلهم لا يمارس الإرهاب عن الهوى إنما يوحى إليه إخوانيًا.
بعدها تورط «عشماوى» فى محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق «محمد إبراهيم» بعد أن كان قد نجح فى استقطاب عدد من الضباط المستبعدين من الخدمة، بعد أن تم رصد أفكارهم المتطرفة، والذين قرروا استثمار خبراتهم ومهاراتهم التى اكتسبوها فى مدارس الوطنية رصيدًا فى حقول الإرهاب فحقت عليهم الخيانة قولًا وعملًا.
لمن لا يعلم فإن عشماوى وزوجته المنتقبة الأستاذة الجامعية بعين شمس وأطفاله الصغار جميعهم كانوا مشاركين فاعلين ومقيمين دائمين فى اعتصام رابعة، أستاذة جامعية وضابط سابق يغتالان براءة أطفالهم ويقدمونها قربانًا لعشيرة الدماء والقتل!
نكشف أنها أستاذة جامعية لننفى أى اضطهاد أو تمييز بل نؤكد أنها حصلت على فرصتها كاملة وتم تعيينها عضوًا بهيئة التدريس، ومع هذا كانت أسرة تسعى لتوريث إرهابها للأجيال القادمة.
■ ■ ■
«عشماوى» قاتل مع سبق الإصرار والترصد. يعرف ماذا يريد فيمارس القتل بلا تمييز، هو أساسًا يظن أنه قادر على قتل الدولة المصرية. ليس لديه مظلمة حقيقية. بل لديه جحود حقيقى نحو وطنه الذى آواه وفتح له أبواب المستقبل.
هشام صاحب خطة الإرهاب الممنهج منتقلًا بإرهابه من مديرية أمن الدقهلية إلى مديرية أمن القاهرة إلى كرم القواديس إلى الكتيبة ١٠١، وصولًا إلى كمين الفرافرة الذى أصيب فيه إصابة بالغة قبل أن تصعد أرواح الشهداء الطاهرة إلى بارئها، لينتقل عشماوى للعلاج فى ليبيا فى ضيافة رفقاء الإرهاب فى درنة، حيث مقر ارتكاز تنظيم القاعدة.
ما أن استقر هشام فى ليبيا حتى أعلن تأسيس ما يسمى بتنظيم «المرابطون» وهو فرع لتنظيم القاعدة فى مصر، ليكون هشام أحد أهم محاور إعادة بناء وانتشار تنظيم القاعدة، وانتقاله من حالة الشتات بعد انتهاء الوضع الأفغانى إلى حالة العودة للاستقرار، والتمركز على قطعة من الأرض.
هنا نكون أمام تحول خطير فى عملية نقل الإرهاب وتجمعاته على الحدود المصرية باستحداثه خزانًا جديدًا للمقاتلين فى ليبيا، هنا تبرز أهمية ومحورية «هشام عشماوى» فى ساحة الإرهاب الدولى والإقليمى ليكون المطلوب الأول أمنيا على قوائم الإرهاب المصرية.
■ ■ ■
برحيل «هشام عشماوى» إلى ليبيا لم يتبق له على أرض مصر سوى الإرهابى «عماد الدين عبدالحميد» الذى يحمل اسم حركى الشيخ «حاتم» والذى قاد مذبحة الواحات، إلى جانب الإرهابى «عمرو عباس» المنفذ لكل عمليات تفجير الكنائس وحافلات الرحلات الكنسية.. لنكون أمام اتفاق معلن على توزيع الأدوار الإرهابية، الإخوان يستهدفون ضباط الجيش والشرطة والقضاء بحجة تعرضهم للظلم كما يدعون، بينما «هشام» وفلوله المنتمون فكريًا لتنظيم القاعدة الجديد يستهدفون الأجانب والمسيحيين فيرفع الحرج عن تنظيم الإخوان، ويقال إن عنفه مبرر كردٍ على عنف الدولة بدليل أنه لا يستهدف السياح أو الأجانب، بينما رجلهم «هشام عشماوي» يقتل فى كل اتجاه بغير مسمى الإخوان!
■ ■ ■
بينما يحاول «عشماوى» الاستقرار فى درنة المستهدف تحويلها إلى قاعدة «للقاعدة» يظهر المشير «خليفة حفتر» ممثلًا للجيش الوطنى الليبى؛ ليجد هشام نفسه أمام امتداد استراتيجى لوجود الجيش المصرى وعقيدته المرتكزة على مفهوم واضح للدولة الوطنية.
«عشماوى» الفار إلى ليبيا وجد نفسه محاطًا بالأذرع الفكرية لعقيدة الجيش المصرى كما وجد نفسه فى مرمى نيران القاذفات المصرية بعيدة المدى.
هشام عشماوى لا تتمثل خطورته فقط فيما ارتكبه من جرائم، بل فيما كان سيتم البناء عليه بعد تصعيده فى أروقة المخابرات التركية والقطرية.. هنا تكمن أهمية عملية القبض والتسليم.
الاعترافات ستكون فاضحة لرعاة الإرهاب الدولى.
■ ■ ■
ما يمثله «عشماوى» من حالة إرهابية لا ترتكز إلا على إطلال الدول بتمويل قطرى كامل ودعم استخباراتى تركى، استنفر ما يمكن تسميته بالفطرة العسكرية السليمة المستمدة أساسًا من منبعها الرئيسى فى قلب الجيش المصرى، فخلق حالة توحد للجيوش الوطنية باعتبارها قاعدة للدولة الوطنية التى تمثل عدوًا رئيسيًا للتنظيمات الإرهابية.
إذا كانت مصر بصدد التحول لمحور إقليمى للطاقة فهى الآن بالفعل محور إقليمي لدحر الإرهاب وفلوله، بعد أن اتخذت بعض الدول من دبلوماسية الإرهاب وسيلة لإدارة العلاقات بين الدول.
عملية القبض والتسليم لم تكن عشوائية أو وليدة اللحظة بل نتيجة طبيعية لحالة إخلاص مشتركة سيطرت على الرجال فى كواليس الأجهزة الوطنية.. عشماوى ليس شخصًا منفردًا بل واجهة لدول احترفت رعاية الإرهاب وتأهيله ثم إعادة تصديره، إذا ما كان عشماوى مازال حرًا طليقًا كنّا سنرى تسجيلاته الصوتية والمرئية على شاشة الجزيرة أسوة بابن لادن والظواهرى؛ ليطل علينا بلغته المصطنعة ناقلًا التكليفات الإيحائية المشفرة لكل خلاياه فى المنطقة، عشماوى الآن يسأل أمام المحترفين من رجال الأجهزة المصرية .. الآن يروى سيرة ذاتية لتاريخ الإرهاب الحديث ولقصص الدماء المكتوبة فى السجلات القطرية.
■ ■ ■
تسليم «عشماوى» انعكاس لحالة التوحد والاتحاد للجيوش الوطنية بقيادة مصرية لإنقاذ الدولة الوطنية فى كامل الإقليم.
فى منتصف الطريق ستظهر فلول الإرهاب عالقة فى بعض المناطق، بعد أن تعثرت عملية الانتقال الآمن إلى قاعدتهم الجديدة فى درنة.
■ ■ ■
عملية التسليم خطوة محورية فى مهمة استخباراتية إقليمية ضخمة يقودها رئيس جهاز المخابرات المصرية، عشماوى تم تسليمه برفقة ملفات مملوءة بالحقائق والأسرار ومن قبلها المتورطون فى الدماء المصرية والعربية الآن جميعهم فى حوزة الدولة المصرية لن يفلت منهم أحد.
عملية التسليم ليست نهاية بل بداية لصحوة مصرية جديدة فى مواجهة شاملة لأضخم حركة للإرهاب العالمى ترعاه دول.
عملية التسليم انطلاقة لدور محورى جديد للجيش الوطنى الليبى فى استعادة دولته الليبية وفِى استعادة قيمته الإقليمية على طول امتدادها الاستراتيجى داخل القواعد المصرية الصلبة.
■ ■ ■
كما كان عشماوى يمثل رأس حربة لإعادة انتشار الإرهاب وتمركزه على الأرض الليبية المتاخمة للحدود المصرية، فإن سقوطه وتسليمه بداية لإعادة انتشار لتأثير وثقل الدولة المصرية فى محيطها الإقليمى.
فى الطريق من تسلم عشماوى إلى تسليمه لعشماوى مسافة ليست بالقليلة بداخلها تفاصيل بعضها مفسر ومنها ما هو مشفر.. طلاسم الشفرة سيتم تفكيكها وتحليلها بمعرفة الجنود المجهولين المعروفين.
خريطة الإرهاب الجديد الآن تحت سمع وبصر الأجهزة المصرية.
■ ■ ■
عملية التسليم ومشهده الذى تدفقت حوله حالة الدولة بعنفوان وكبرياء لها مدلولات محددة:
- كل المطلوبين ستطالهم يد الدولة المصرية عاجلا أم آجلا.
- دماء الشهداء لن تذهب هباء ومصر لن تترك ثأرها.
- عملية التنسيق الأمنى والمعلوماتى والعسكرى تتم على أعلى مستوى.
- الامتدادات المصرية عسكريا واستخباراتيا ترتقى لمستوى المواجهة على طول جبهة المواجهة.
- مصر تملك أذرعا طويلة بطول أعماق أمنها الاستراتيجى.
فى مصر رجال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر فى ميدان الوطن وما بدلوا تبديلا.