السبت 19 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجزائر والسودان

الجزائر والسودان






دعوة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى التى أطلقها فى القمتين العربية والإسلامية بمساندة السودان والجزائر لتجاوز المرحلة التى يمر بها الشقيقان تمثل مبادرة إيجابية شديدة الأهمية، ليس لكونها صادرة عن الرئيس المصرى، وإنما لكونها تعبيرًا عن فهم عميق لتطورات الأحداث، ولأهمية البلدين فى الخريطة العربية والإفريقية.
الشاهد أن تطورات الأحداث تؤشر لمرور البلدين بأزمة، أو ما يمكن تسميته المرحلة الحرجة فى عملية التغيير، والتى تتسم بالتعقيدات والصراعات وفقدان الثقة بين الأطراف المختلفة، وتمسك كل طرف برؤيته، ورفض التفاهم والوصول إلى صيغة توافقية.
ففى الجزائر تبدو دعوات المجلس العسكرى للتفاهم والحوار، والتحذير المتكرر من إثارة النزاعات، والدفع بالبلاد للانزلاق إلى الفوضى، بمثابة رصد لواقع يحاول استغلال إرادة الناس فى التغيير، لإثارة حالة من الشكوك بين الأطراف المختلفة، والوصول بالأمور إلى منطقة مسدودة، تُشعل الصراع وتصل به إلى مرحلة الصدام.
وفى السودان لا تبدو الأمور أبعد بكثير من المشهد الجزائرى، إذ إن وصول الحوارات بين الأطراف لمرحلة توافق أثارت الإعجاب والأطمئنان فى النفوس فى آن، لكن فجأة تغيير المسار من التوافق والتفاهم إلى الخلاف والتصعيد فى المواقف، فى صورة توحى بالعودة بالأوضاع إلى المربع صفر مجددا.
البادى أن إفساد ماراثون الحوار اعتمد على أحداث ووقائع عنف من أطراف مجهولة، وهى أحداث تُعيد للأذهان ما جرى فى مصر عام 2011 وما تلاها من أعوام، من خلال مصادمات وسقوط قتلى فى عمليات مجهولة المصدر، تحيط بها الكثير من الشكوك والمظاهر المٌلتبسة، وتعقبها شائعات واتهامات غير صحيحة، لكنها كانت تستهدف إثارة وتعميق وتكريس الخلافات، لجهة إثارة المزيد من الفوضى، ثم تبين بعد ذلك ارتباط هذه الوقائع بجماعة الإخوان الإرهابية التى سعت بكل السبل وقتها لإحداث وقيعة والدفع بالبلاد لمسار الفوضى، بهدف القفز على الأحداث، والسيطرة عليها لتولى قيادة البلاد.
الجزائر والسودان دولتان ذات تأثير عميق فى أحداث المنطقة، وهما جزء من دائرة القرار الإقليمى، ولا يُمكن تجاهلهما أو استبعادهما، بٌحكم الدور الجيو سياسى للبلدين، وبحكم عمق تاريخى لهما فى القارة السمراء.
الاستقرار فى البلدين يمثل ضمانة قوية للأمن القومى العربى، سواء من ناحية الدور الإفريقى للسودان كجزء من القارة الإفريقية ومعبرا لها، أو بالنسبة للجزائر التى تمثل معبرًا عربيًا وإفريقيًا مهمًا لأوروبا، ولإفريقيا فى آن.
البادى أن قوى التطرف والإرهاب تسعى إلى استثمار الأحداث فى البلدين، من أجل تحقيق أهداف الانتشار، واستعادة حالة كانت موجودة سواء فى تسعينيات الجزائر، حيث حمامات الدم من الإرهابيين، أو فى السودان التى فقدت فيها جماعة الإخوان الإرهابية وجودا كان مهمًا ومؤثرًا بدرجة كبيرة.
تصريحات قادة السودان بعدم السماح بوجود أى عنصر غير سودانى يمثل تهديدًا أمنيًا لمصر على أراضيها، وتصريحات قادة الجزائر من أى محاولات لإثارة العنف، وأن الدولة لن تسمح بالاختراقات الأمنية، كلها مؤشرات على مخططات تحيط بالدولتين، وتمثل تهديدًا خطيرًا ليس فقط لهما وإنما للمنطقة كلها.
من هنا كانت دعوة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لمساندة الدولتين على تجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة، والتأكيد على أن الحوار فقط هو الوسيلة الملائمة لتجاوز المرحلة.