
صبحي مجاهد
عيد الفطر منحة إلهية
مع نهاية شهر الطاعات والذكر والصوم، يأتى عيد الفطر ليكون جائزة ومنحة إلهية لعباده المؤمنين الصائمين، حيث جعله الله تعالى عيدا يعقُب أفضلَ الشهور وأعظمَها على الإطلاق: كأنه إلى المؤمن هديةُ الشهر الفضيل أو كأنه وسام الحبّ، يُوشّح به الخالقُ الجواد الرحيم صدرَ عبده المطيع هديّة منه ومنحة.
وكما كان صوم المسلمين عبادة كان فطرهم فى عيد الفطر عبادة امتثالا لأمر الله تعالى، كما أن الفرح به عبادة، حيث يفرح الصائمون فيه بفطرهم بعد طاعة ربانية خالصة لوجه الله وفى ذلك يقول صلى الله عليه وسلم :» للصائم فرحتان يفرحهما إذا انتهى رمضان فرحة بفطرة وفرحة بصومه إذا لقى ربه».
وقضت حكمة الله تعالى أن يقترن عيد الفطر بعبادة عظيمة وهى الصوم، و ذلك لا يعد من قبيل الصدفة، ذلك لأن الصوم وما يكتنفه من تبتل وعبادات تحقيق لأهداف الإسلام على مستوى المجتمع، حيث إن المجتمع المسلم يبلغ ذروته من التكافل والتعاون والتعاضد والتراحم وهو يؤدى فريضة الصوم.
والمسلمون حين يحتفلون بعيد الفطر المبارك يحتفلون بهذا الإنجاز الروحى العظيم فى حياتهم الخاصة والعامة الذى يبلغ فيه المجتمع المسلم أعلى درجات كماله وهو يتفاعل فى كل أبعاده الفردية والاجتماعية مع فريضة الصوم وبانتصار الروح على الشهوات والأطماع والنزعات.
إن عيد الفطر هو بحق جائزة الصائمين فى الدنيا، ومن ثم على المسلم أن يغتنم تلك الجائزة باستمرار الطاعة، وعدم الجنوح إلى المعصية، فلا ينطلق بعد شهر العبادة لفعل المعاصى، ولا ينساق لدعوات النفس بضرورة العودة إلى سابق عهدها من عدم المبالاة بالطاعة، أو فعل المعصية التى تشتهيها النفس، فقبول الطاعة علامتها دوام الإنسان عليها، فيرى فى نفسه تغيرا بالخشية من الله ومراقبته فى كل فعل وقول، فيجعل من عيد الفطر بداية جديدة لحياة مليئة بحب الله والقرب من كل عمل يرضى الله فيه عنه، والاستمرار على طاعته، حيث إن الله سبحانه وتعالى قال فى رمضان ولتكملوا العدة ولتكبروا الله، أى إذا انتهى رمضان اشغلوا أنفسكم بتكبير الله واتباع أوامره لأنه الأولى بالتكبير وأفضل من يستحق الثناء.