الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التبادل الثقافى القانونى بين مصر وأوروبا

التبادل الثقافى القانونى بين مصر وأوروبا






يأتى هذا المقال نزولًا على رغبة كثير من القراء الأعزاء بعد نشر مقالى الأسبوع الماضى الذى تناولتُ فيه نبذة موجزة عن محاضرتى فى فيينا حول «التبادل الثقافى فى مجالات الوعى بالقانون بين مصر وأوروبا».. وما اختتمتُ به المحاضرة بإطلاق مبادرة جديدة لتنفيذ خطة قومية مصرية- أوروبية لتنمية ثقافة الوعى بالقانون.. وطالبت رسائل القراء ببيان فكرة ومحتوى ومنهج المبادرة وآلياتها العملية.
وفى الواقع فقد نشأت فكرة المبادرة - فى قناعاتى الشخصية - حول موضوع التبادل الثقافى فى مجالات الوعى بالقانون.. بين مصر، بوصفها أم الدنيا ومهد الحضارة ومعلمة البشرية.. وبين أوروبا، بأصولها الضاربة فى جذور التاريخ.. وحضاراتها المتنوعة والمتكاملة كذلك، لإيماننا اليقينى والراسخ أن قيمة التعاون والتبادل المعرفى هى السبيل الأمثل للتنمية المستدامة للأفراد والدول، سيما مع الدول الأوروبية التى تجمعنا بها وحدة الحضارة، وكذلك تنامى الجهود المجتمعية المتتابعة فى ذاك الوعى وتلك الثقافة.
وعن محتوى المبادرة، ففى عبارات موجزة ويسيرة، فإن المحتوى يتأسس على قاعدة أن الخروج على الناموس الأخلاقى والقانونى أصبح - فى بلدان عديدة - يندرج تحت بند الجريمة العابرة للحدود الوطنية.. فالأعمال التحضيرية تتم فى دولة ما، بينما تنفيذ الأفعال الإجرامية تتم فى دولة ثانية، وتتحقق النتيجة فى دولة ثالثة .. ولعل من أبرزها جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاتجار فى البشر والهجرة غير المشروعة وغيرها، كما أن تنامى ظاهرة المقاتلين الأجانب - وهم فى حقيقتهم إرهابيون - ولا يخفى ما ينتج عن تلك الجرائم من ردود فعل مضادة تتمثل فى رفض بعض المجتمعات الأوروبية لبعض الجنسيات العربية (ومنها مصر)، واعتبارها مرادفًا للإرهاب والعنف، وفى المقابل تنامت فى الفترة الأخيرة ظاهرة الإرهابيين الأجانب القادمين من بيئات ثقافية واجتماعية واقتصادية متقدمة، أى أن الدافع للجريمة ليس ثلاثية الفقر والجهل والمرض، وإنما ثمة (غسيل مخ) فكرى وثقافى قد استبد بهم وحولهم إلى مجرمين.. ولعل كل ذلك يعد من الشواغل والهموم المشتركة بيننا وبين المجتمعات الأوروبية، بحيث يسعى كلانا أن تسمو مبادئ سيادة القانون والوعى به، وذلك بنشر ثقافة الوعى بالقانون بين مختلف طبقات وفئات وأعمار الشعب بغض النظر أن الدين أو العرق أو الجنس ، ويكون الحصاد منظومة توعوية جادة، لوأد الأفكار الإجرامية فى مهدها، وتعظيم مبادئ التسامح وقبول الآخر، وتقديس الأوطان.
أما عن منهج المبادرة، فتعتمد على أن ثمة معلومات وأفكارا غير صحيحة تنفذ إلى عقول وأفهام الطرفين، عن عمد أو عدم وعى.. وكلاهما يواجه بالقانون.. العمد بالعقاب.. وهى مهمة الدول.. وعدم الوعى بتنقيته وتفنيده وتصويبه.. وهى مهمتنا نحن، كقوى ثقافية ناعمة، والتى منها نطلق هذه المبادرة للتبادل الثقافى فى مجالات الوعى بالقانون.
ولذلك، يمكننا تحديد الآليات العملية للمبادرة، بأن تعمل (مصر وأوروبا) على وضع خطط محددة، وبرامج عملية واضحة، من خلال ما توافر للمجتمعات الأوروبية المتقدمة والمجتمع المصرى المتنامى، تسعى إلى تحقيق عدة أهداف منها : تفعيل دور الأطراف الفاعلة فى تنمية ثقافة الوعى بالقانون، ومن أهمها مؤسسات التعليم، ودور العبادة، ووسائل الإعلام، والدراما والفنون، فضلا عن دور الفرد، والتجمعات النخبوية (النوادى العالمية) ليصل بأهدافه إلى مختلف الفئات المستهدفة، وكذلك تعزيز دور المواطن وترسيخ قيم المواطنة الحقة والمشاركة والعمل الجاد الدؤوب فى نشر ثقافة الوعى بالقانون بأشكاله المتعددة، وذلك من خلال وضع رؤى مستقبلية وخطط عملية وبرامج تدريبية محددة لمختلف الأعمار والفئات تسهم فى غرس وتنمية تلك الثقافة القانونية، وتعظم من تأكيد واجبات المواطن نحو وطنه، وأهله، ومجتمعه، فضلا عن الدور الإيجابى الفاعل لمنظمات المجتمع المدنى محليًا وإقليميًا ودوليًا؛ بكونها جزءا من حركة المجتمع، والتأثير فى بناء وعى وطنى يلبى حاجة الأوطان والمواطنين، والتى تتغيا السمو بمبادئ الحق والعدل والخير والجمال والسلام ومساندة دولة سيادة القانون.
وبالقانون.. تحيا مصر،،