
احمد زغلول
«الجنيه» ملاذ آمن للمستثمرين
استوقفنى تقرير مهم نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، منتصف الأسبوع الماضي، بشأن الاتجاه المتنامى لدى المستثمرين الأجانب لضخ المزيد من الأموال فى الأدوات الاستثمارية المقومة بالجنيه المصري.. حيث ذكر التقرير أن المستثمرين أصبحوا ينظرون للجنيه المصرى باعتباره ملاذًا آمنًا فى ظل حالة الارتباك التى تعانى منها الأسواق العالمية.
والحقيقة أن إطلاق وصف «ملاذ آمن» على أداة استثمارية أو عملة ليس بالأمر الهيّن ولا يمكن أن يتناهى إلى مسامعنا دون البحث عن الأسباب التى يمكن أن تدفع المستثمرين الأجانب لإطلاق هذا الوصف- الذى فى الغالب يلتصق بالذهب– على الاستثمار بالجنيه المصري.
ولبيان الأسباب فلابد أولًا أن نلقى الضوء على التطورات التى يشهدها الاقتصاد المصرى فى ظل تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث ارتفعت معدلات نمو الناتج المحلى الاجملى إلى ما يربو على 5% سنويًا، كما زاد الاحتياطى النقدى للبلاد إلى ما يزيد على 42 مليار دولار.
وفى ظل تنامى إنتاج البلاد من الغاز تراجعت واردات المواد البترولية بشكل كبير، وقد شهدت حركة الاستثمار تطورات لا يمكن إنكارها فى ظل الحرص على تهيئة مناخ الأعمال وتنقيح القوانين المعوقة، وإن كنا نتطلع إلى مزيد من الإصلاح.
ونظرًا للنتائج الإيجابية التى يحققها الاقتصاد المصرى فقد زادت ثقة المؤسسات الدولية ومن ثم المستثمرين، وانعكس ذلك بشكل مباشر على تحسن تصنيف ديون مصر السيادية لدى جميع مؤسسات التصنيف، كما تحولت التقارير الصادرة من المؤسسات الدولية بشأن الاقتصاد المصرى من شديدة السلبية فى سنوات سابقة إلى إيجابية ومشجعة ومطمئنة ومحفزة على الاستثمار.
كل هذه التطورات دفعت المستثمرين وصناديق الاستثمار دفعًا تجاه السوق المصرية لاسيما للاستثمار فى أذون الخزانة الحكومية، للاستفادة أولًا من العائد الذى مازال جاذبًا وثانيهما هربًا من تقلبات الأسواق العالمية فى ظل حالة الضبابية التى تفرضها الحروب التجارية التى اشعلتها الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن السوق المصرية ليست هى صاحبة العائد الأكبر للاستثمار فى الأوراق المالية الحكومية .. فهناك تركيا قامت برفع الفائدة لديها إلى مستويات أعلى.. كما زادت الأرجنتين من العائد إلى مستوى غير مسبوق..
لكن الأمر الحاسم فى تدفق الاستثمارات على الأسواق ليس فقط العائد المغري، ولكن بالضرورة ضمان هذا العائد من خلال ضمان استقرار الاقتصاد الذى تضخ فيه الأموال وقدرته على التطور والوفاء بالتزاماته.. وهو ما يتحقق فى مصر بشكل كبير فى الوقت الراهن .. ويُفتقد فى أسواق أخرى رغم جاذبية العائد لديها.
ومع زيادة تدفقات النقد الأجنبى للسوق .. تزداد قوة الجنيه ليبدأ طريق التعافي.. فقد استردت العملة المحلية نحو 120 قرشًا أمام الدولار منذ بداية العام .. وثمة توقعات باستمرار تحسن الجنيه فى الفترة المقبلة، لاسيما وأن التدفقات تتزايد من جميع القطاعات وليس فقط الاستثمار فى الأوراق المالية.