الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ولماذا لاتعتذر بريطانيا؟

ولماذا لاتعتذر بريطانيا؟






113 سنة بالتمام والكمال مرت على حادثة دنشواى،113 سنة وأبطال دنشواى أحياء فى قلوب الأبناء والأحفاد،كل عام يجتمعون فى نفس المكان والذى صار متحفا لتخليد ذكرى المأساة،ولتذكرنا جميعا بالاحتلال الإنجليزى لمصر.
سؤال وحيد يطارد أى متابع لهذا الصبر والإصرار على أن تظل الحكاية خالدة .. هو ولماذا لاتعتذر بريطانيا عن شنق وجلد أبطال دنشواى ظلما وعدوانا؟
لماذا لانطالب بريطانيا بالتعويضات ،كما فعل الصهاينة مع الألمان،رغم التشكيك فى حرق هتلر لليهود؟!
من 113 سنة وتحديدا فى يوم 13 يونيو،3 ضباط إنجليز ذهبوا لصيد الحمام فى دنشواى،رصاصة غادرة قتلت «الست أم صابر» زوجة مؤذن القرية الشيخ محمد عبدالنبى، واشتعلت النار فى «جرن القمح». ثار الأهالى وتجمعوا، فهرب أحد الضباط جريا مسافة 8 كيلو  وأصابته ضربة شمس مات بسببها بحسب تقرير الطبيب الشرعى الإنجليزى نفسه.  
ورغم أن الإنجليز، قتلوا رجلا مسكينا لا ذنب له كل جريمته أنهم شاهدوه يقف بجوار الضابط يحاول أن يعطيه شربة ماء قبل أن يموت وهو  – سيد أحمد سعيد – ولم تحقق المحكمة فى مقتله ولم تلق له بالا،ورغم أن الجنود أطلقوا النار على الأهالى فأحرقوا الجرن وأصابوا أربعة وقتلوا أم صابر.، إلا أن كل الأحكام كانت من نصيب الفلاحين.!
رغم كل ذلك إلا أن ممثل الاتهام ،أصر على أن الحادث كان مرتبا له من قبل – سبق الإصرار والترصد – وأن للحادث زعماء وعامة وأن القتل كان عمدا وأن الوفاة كانت بسبب ما وصفه بالسببية باعتبار أن الخوف  ساعد ضربة الشمس فى إحداث الوفاة .
 وفى 14 يوما فقط  نظرت محكمة مشكلة من 2 مصريين و3 إنجليز، ومعهم المحامى الكبير الشهير وقتها إبراهيم  الهلباوى ممثلا للنيابة، قضية دنشواى وأصدروا أحكاما بالإعدام والجلد والسجن على   52 متهما من الأهالى !!
المحكمة إذن فيها 3 مصريين،2 منهم ليس هناك ضرورة لذكر أسمائهم، طاردتهم لعنة دنشواى وماتا بعد وقت قصير، لكن إبراهيم الهلباوى تحديدا كانت له حكاية  مؤثرة جدا، فالرجل ظل طوال عمره يحاول التكفير عن ذنبه ويفشل، فالمحامى الأشهر ذهب للدفاع عن الفلاحين فى البداية، وكان لايخسر قضية لدرجة أن التهديد الأشهر وقتها كان «هقتلك وأجيب الهلباوى» مايعنى أنه ضامن البراءة .
الهلباوى قبل الوصول لدنشواى اتفق معه الإنجليز على أن يكون ممثل الادعاء بدلا من الدفاع، وأعطوه 300 جنيه،وكان  هذا مبلغا كبيرا جدا فى هذا الوقت وتحول الهلباوى من محامى الفلاحين إلى «جلاد دنشواى» وهو اللقب الذى ظل يطارده 30 عاما عاشها بعد الحادث، ورغم دفاعه المستميت فيما بعد فى قضايا وطنية إلا أن الشعب لم ينس،وحتى بعد جهوده فى إنشاء نقابة المحامين واختياره نقيبا بأغلبية ساحقة 307 أصوات من 330 .
 كل هذا إلا أنه فى احتفال لحزب الأحرار الدستوريين بعد أكثر من ثلاثين سنة ألقى خطابا أثار حماسة الناس .. وهتفوا جميعا له.. وأثناء الاحتفال فوجئ الناس برجل من آخر الصف يهتف «يسقط جلاد دنشواى» فهتف الناس جميعا خلفه.. عاد الهلباوى إلى بيته فى المنيل، فى نفس المكان المسمى الآن محطة الهلباوى ومات كمدا، فلم ينس الناس جريمته.
الخزى والعار ظلا يطاردان الهلباوى،وقائمة الشرف والفخر ظلت حية تتذكر أبطال دنشواى، يعيشون  فى قلوب الأبناء والأحفاد  يتوارثونها جيلا بعد جيل .
قائمة الشرف هذه تضم  الأربعة  المحكوم عليهم بالإعدام «حسن محفوظ .. ويوسف حسين.. والسيد عيسى.. ومحمد درويش زهران» وتم تنفيذ حكم  الإعدام شنقاً فى قرية دنشواى وأمام أهلها.
وتضم القائمة أيضا 2 محكوم عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة، أحدهما محمد عبدالنبى زوج أم صابر التى أصابها الطلق النارى.. ثم بالأشغال خمس عشرة سنة على واحد.. وبالأشغال سبع سنوات على ستة.. ثم بالسجن مع الشغل سنة واحدة على ثلاثة.. وقضت بجلد خمسة من المتهمين لكل منهم خمسين جلدة وبراءة الباقين .
قائمة الشرف ظلت حية فى القلوب جيلا بعد جيل،فى انتظار التحرك للمطالبة بحقوق شهداء أهالى دنشواى، واعتذار بريطانيا عن جريمتها فى حق الإنسانية .