السبت 13 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الحرباء»

«الحرباء»






«الحرباء» من أشهر الزواحف المعروفة حول العالم، ويمكنها العيش فى الشقوق، وتعد كذلك من الحيوانات المفترسة التى تفترس كل شىء فى فمها من حشرات وزواحف وقوارض.
وأهم ما يميزها مقدرتها الكبيرة على تغيير لون جلدها للتأقلم مع الطبيعة التى تعيش فيها لتستطيع أن تفترس كل ما يقترب منها.
لم أجد أفضل من «الحرباء» لأصف به المحاولة الأخيرة لجماعة الإخوان الإرهابية كى تعود للعمل، ولا أظن أنى فى حاجة لسرد تاريخ الجماعة فى التلون والكمون ثم العودة، لكن قبل أن أتحدث عن هذه المحاولة، أذكر فقط  بكتاب مهم اسمه «عبدالمنعم أبوالفتوح.. شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970- 1984 الصادر فى 2010 عن دار الشروق المصرية فى 140 صفحة من القطع الكبير، وهو أحد ثمار الباحث المتميز حسام تمام – رحمه الله –.
وتأتى أهمية هذه الشهادة من كونها سابقة على استقالة/إقالة أبوالفتوح من جماعة الإخوان المسلمين فى شهر أبريل 2011، ولذلك فليس فيما احتوته من آراء وأفكار ما يعد من قبيل الانتقام لتنكر الجماعة له.
عبد المنعم أبوالفتوح كان يلقب داخل الجماعة بمؤسس الجيل الثانى فى الجماعة بعد حسن البنا مؤسس الجيل الأول، واكتسب هذا اللقب المهم، كون الفترة من الستينيات حتى السبعينيات من القرن الماضى حدث فيها  انقطاع للجماعة فى مصر ووقتها أسس أبوالفتوح  الجماعة الإسلامية  داخل جامعات مصر وعندما خرج الإخوان من السجون، قام عبدالمنعم أبوالفتوح بتسليم التنظيم الموجود فى الجامعات إلى المرشد السابق مصطفى مشهور وقام بمبايعته بعيدا عن أعين شركائه فى التأسيس وقيادة الجماعة الإسلامية على السمع والطاعة وسلمه التنظيم الشبابى الأكثر تنظيما وتأثيرا فى الجامعة  جاهزا.!!  
الأسبوع الماضى عادت الجماعة بنفس اللعبة .. لعبة الشباب، وبدأت بتمرير أخبار أن صراعا تفجر داخل الجماعة على مصادر التمويل.. ثم ظهر ما أطلقوا عليه المكتب العام للإخوان.!!
الكيان الجديد الغامض أصدر  بيانا أعلن فيه عن تبنيه توجها جديدا للفترة المقبلة، وذلك على خلفية ما وصفته بـ«الواقع الجديد» بعد وفاة محمد مرسى، وقال إن ما وصل إليه جاء «بعد مراجعات داخلية».. البيان طرح سيناريو التخلص من التنظيم نهائيا وتحويله لتيار فكري، تتبعه كيانات ومؤسسات خاضعة له، سواء مدنية أو اجتماعية أو سياسية - بنص البيان - وأرجو أن ننتبه لهذه الجزئية تحديدا التحول لكيان فكرى تتبعه كيانات اجتماعية مدنية، الكيانات المدنية والاجتماعية التى ذاقت على يد الإخوان فى عام 2013 ما لا يتحمله بشر، الآن يخطبون ودها، على أمل تشكيل جبهة متكاملة.
أخطر ما جاء أيضا فى البيان القول: «قمنا بمراجعات داخلية متعددة، وقفنا خلالها على أخطاء قمنا بها فى مرحلة الثورة ومرحلة الحكم، كما وقفنا على أخطاء وقع فيها الحلفاء والمنافسون من مكونات الثورة».
انتهى الاقتباس ولابد هنا أن ننتبه، فمع من تحالف الإخوان فى سنة حكمهم، ومن نافسهم ؟.. هذا السيناريو، هو المخطط الجديد لجماعة الإخوان، لإعادة تموضعها داخل المجتمع المصرى بعد حظر نشاطها ومصادرة أموالها وتجفيف منابع تمويلها، ولفظها فكريا وسياسيا واجتماعيا داخل الشارع المصرى.
البيان محاولة مستميتة ممن أطلقوا على أنفسهم «جبهة الشباب المفصولين» لطرح  نفسها كتيار بديل، يمكنه الانخراط داخل المجتمع المصرى لإعادة  ما يمكن أن نسميه التأسيس الثالث للجماعة.
المثير أنه لا يوجد فى الهيكل التنظيمى للإخوان مسمى المكتب العام للجماعة، وإصدار البيان فى هذا التوقيت يشير إلى جملة من الحقائق، أهمها أن الجماعة ما زالت تدير لعبة توزيع الأدوار وتنويعها باحترافية كبيرة، فالبيان يصدر وهذا يؤيد وآخر يهاجم ومن ثم تعود الجماعة لتصدر المشهد الإعلامى والسياسى وهو أمر مطلوب فى حد ذاته.
وأعتقد أن «تصدير فكرة خلافات الجماعة معناه بوضوح أن التنظيم الدولى للإخوان يحاول باستماتة شديدة استعادة  عافيته.
البيان الأخير فى ظنى – وبعض الظن من حسن الفطن – هو محاولة إحياء واستمرار فكرة المظلومية ونشرها وسط الأجيال الجديدة.. من مختلف التيارات الفكرية والسياسية، على أمل خلق تعاطف جديد وكسب أرضية تكون بداية جيدة للعودة للعمل فى الشارع المصرى حتى لو وراء ستار كيانات مدنية واجتماعية سواء أحزاب أو نقابات أو منظمات حقوقية.
علينا أن ننتبه جيدا لهذه المحاولة الخبيثة ونعلم أن من أطلقوا على أنفسهم «المكتب العام للإخوان المسلمين» هم إطار تنظيمى ظهر فى ديسمبر2016، وضم إخوان  يُعرفون بـ«جناح محمد كمال»، والذى لقى مصرعه فى تبادل لإطلاق النار مع أجهزة الأمن فى أكتوبر 2016 ويعد  «أحد القيادات البارزة للجناح المسلح للجماعة»، والذى قام بعمليات إرهابية استهدفت رجال الأمن.