
رشدي أباظة
مصريون فى مدرجات دول المغرب العربى
# البطولة - مخلصتش
لأول مرة تشعر برضاء الجماهير عن دولتها فى تنظيم بطولة كأس الأمم الإفريقية فيما تغضب لخروج منتخب بلادها من ذات البطولة التى تقام على أراضيها؟
الجماهير حزينة للخروج لكنها فرحة وطربانة بالتنظيم .
كلما نظرت الجماهير للتنظيم والاستادات والنظام والتصوير والترتيب الجميل العالمى سرت نظرة رضا بداخلها عن الدولة وجهازها الإدارى الذى يقوم على التنظيم فى أجمل وأكمل ما يكون!
«البطولة - مخلصتش» شعار هاشتاج على السوشيال أعجبنى وجعلنى أشعر بمسئولية من أطلقه عقب الخروج المخزى للمنتخب من دور الستة عشر من البطولة.
تشجيع المنتخب هو تعبير ظاهر عن مخزون وطنية كامن فى صدور المصريين. لا يلبثون أن يجدوا فرصة لإيداعه فى «محله» إلا وتجدهم فى تهافت نحو المدرجات للتعبير عن حب «الوطن» قبل حب «المنتخب» قاصدين أن يكون احتفالًا كرنفاليًا!
ومن ثم فإن شحنة «الوطنية» الكامنة لا يمكن أن تظل حبيسه إذا غادر المنتخب البطولة!
المدهش أن المصريين قرروا هذه المرة الدفع بشحنة الوطنية التى تعطلت بداخلهم لتتدفق حبًا حقيقيًا لدول «المغرب العربى» تونس والمغرب والجزائر.. فأصبح المشجع المصرى فى أول الصفوف كلما لعبت المغرب أو الجزائر أو تونس فى مشهد مذهل لأول عملية لنقل المحبة من مواضع الوطن فى الوجدان إلى مواضع المحبة والحنين لكل ما هو عربى!
رأيت الحزن يخيم على الوجوه عندما خرجت المغرب.. ورأيت من يحزن لمغادرة أسود الأطلسى وجماهيرهم التى أحبوها وعاشوا أيامًا معهم.. ورأيت كيف عمت الجماهير فرحة كبيرة بفور تونس بضربات الجزاء وكيف وقف المصريون على أصابعهم مع كل ضربة جزاء حتى فاز المنتخب التونسى البديع.
وكذلك المنتخب الجزائرى الساحر.. رأيت كيف يتمنى المصريون وصول المنتخب الجزائرى الشقيق للنهائى وكيف يتحدث الناس عن جمال أدائه!
داخل المدرجات لا تجد أشخاصًا منفردين بل أشبه برحلة أسرية قررت تحمل عناء الحرارة والزحام من أجل أن تعلو هتافات الحماس لمنتخب المغرب أو تونس أو الجزائر، الفعل المادى لا يمكن أن يكون تفصيليًا على هذا النحو أو مكبدًا بالعناء إلا إذا كان تعبيرًا حقيقيًا لحالة انتماء قومى مفقودة وجدها المصريون فى مدرجات دول شمال إفريقيا.