
حازم منير
أسئلة مشروعة
لماذا تُنصب منظمات حقوقية دولية نفسها فى بعض الأحيان كوصى على الدول تدين تلك الدولة وتشجب الممارسات الحقوقية فى دولة أخرى وتفبرك وتختلق الأكاذيب بالقصد لإدانة البعض الآخر بينما تغض الطرف عن الممارسات التى تنتهك مختلف الأعراف والتقاليد.
لماذا لانسمع من هذه المنظمات سوى الصمت إزاء الجرائم الإنسانية التى ترتكبها بعض الأنظمة بعدد من الدول المحيطة بنا ويأتى فى مقدمتها إسرائيل وتركيا وقطر فلماذا هذا الصمت؟
هى أسئلة مشروعة خصوصا حين نرى انتهاكات صريحة تحدث هنا وهناك، ولا نرى أى ردود فعل محترمة، ولعل الحالتين السورية والليبية فى هذا المجال هى الأوضح، ومن قبلها كانت آلة الحرب فى العراق التى دمرت أمة وأضاعت مستقبل شعب لعقود طويلة قادمة.
ما يحدث فى اليمن على سبيل المثال، لا أتحدث عن الحرب الدائرة، ولكنى أتحدث عن مهزلة المساعدات الإنسانية الدولية، وعن مأساة التدخل المستتر المنحاز تحت مسمى المبعوث الأممى، والذى تصمت أمامه منظمات، انشغلت بقضايا مفبركة، فى حين تترك مئات الآلاف من البشر أسرى للمرض والأوبئة والموت جوعا.
خذ عندك قطر مثلا، دولة عضوفى المجلس الدولى لحقوق الإنسان، وهذا فى حد ذاته من عجائب الدنيا، ففى قطر لا يوجد أى شكل من أشكال حرية الرأى والتعبير، ولا حق تأسيس الأحزاب، ولا تشكيل النقابات المهنية والعمالية، ولا برلمان منتخب، ولا حرية رأى وتعبير من خلال أدوات إعلامية أومن خلال حق التظاهر والإضراب والاعتصام، ولا قضاء مستقل، ورغم كل ذلك، لا تجد بيانا واحدا يتحدث عن حريات الرأى والتعبير فى قطر، ولا عن حقوق التعبير المهدرة، ولا إدانة أو انتقاد لحرمان الناس من حقوقها الأساسية.
لا أفهم على أى أساس تستمر قطر محتفظة بمقعدها فى المنظمة الدولية الأعلى المسئولة عن حماية الحقوق الإنسانية، وهى دولة أساسا لا تطبق أى من معايير وأدوات حريات الرأى والتعبير.
الأمر لا يقف عند هذه الحدود، إنما يتجاوزها إلى أحاديث دعم الإرهاب، والعنف، والعمليات المسلحة، وتسليح جماعات فى بلدان الصراع السياسى المسلح، مثل سوريا واليمن وليبيا، وهى ليست مجرد أدلة واهية، أو اتهامات سياسية، وإنما هى وقائع حصلت على الأرض أمام أعين المجتمع الدولى، الذى ولى وجهه الناحية الأخرى.
تستطيع أن ترصد مئات الانتهاكات من هذه النوعيات وغيرها سواء فى ملفات قضايا المرأة أو الطفل، أو حقوق العمل، أو السكن، أو الحق فى المشاركة وغيرها من الملفات العديدة، وهى انتهاكات لا تمثل مخالفات فقط، إنما هى فى حد ذاتها إنكار لحقوق مستقرة دوليا، وقطر معنية بالالتزام بها، لكنها لا تساءل.
ابحث عن المصالح الاقتصادية، وعن الانحياز السياسى، تجد إجابات واضحة وشافية، لا تحتاج إلى بحث متعمق، وهى كلها تؤكد، أن المنظمات الدولية، أهدرت وللأسف مصداقية المبادئ الحقوقية، وجعلتها أمام الرأى العام مجرد وسائل لتحقيق المصالح.