الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«بلد بتاع شهادات»

«بلد بتاع شهادات»






أكثر من مرة ترددت فى كتابة هذا المقال،تجربة أن يكون لك بنت / ابن، فى الثانوية العامة،تجربة مرهقة جدا، ليس فقط على الطلاب، الأسر تعانى ماديا ومعنويا أضعاف أضعاف ما يعانيه الأبناء، لكن أن تصل الأمور حد الانتحار فهذه تحتاج إلى وقفة ومراجعة شاملة لكل شىء، طريقة تعاملنا مع الأبناء، المناهج فى المدارس، غياب ثقافة قيمة العمل، غياب الرؤية، خطة واضحة  للخروج من مأزق0
«بلد بتاع شهادات».
فاكرين طبعا ،أنا دسوقى أفندى السكرتير بتاعه، عندما أطلق الإفيه الأشهر «بلد بتاعة شهادات صحيح!»، الجملة  العبقرية  قالها الزعيم عادل إمام «دسوقي» فى مسرحية «أنا وهو وهى»، عام 1964، ساخرا من الشهادات وتقييم الناس لمن يتعاملون معهم حسب  شهاداتهم، هذه الجملة مازالت تحكم حياتنا إلى اليوم !
ضغوط الأسر على الأبناء دفعت البعض للانتحار، فضلوا الموت على الحياة دون شهادة جامعية .
انتهت الثانوية العامة وبدأت ضغوط من نوع آخر،ضغوط أراها وأتابعها بصمت، حرام المجموع الكبير ده وبنتك/ ابنك، لا يذهب إلى كليات القمة.
لا أحد يفكر غير فى كليات القمة،لا يهم ماذا سيفعل الخريج بعدها، لا يهم ما يريده الأبناء، والأخطر، الكثير من الأولاد لم يعتادوا الاختيار، ولم يكن لديهم خطة لحياتهم، لاحظ أن من أتحدث عنهم فى مرحلة  سنية مهمة، على الأقل 17 سنة، ولا يستطيع أن يرى طريقا واضحا لحياته، ماذا يحب، ماذا يريد؟
هذه كارثة أخرى تحتاج سنوات وسنوات للقضاء عليها،17 سنة وينتظر أن يحدد له شخص آخر مستقبله، يختار له الكلية التى سيدرس بها، والتى سيترتب عليها المهنة التى سيعمل بها باقى حياته، والمعيار الوحيد هو المجموع الكبير فى الثانوية العامة، صورة شديدة القتامة، مؤلمة لأقصى درجة.
لا أحد يريد تعليما فنيا، لا أحد يبحث عن تخصصات جديدة تحتاجها سوق العمل بقوة، تحبوا تعرفوا سوق العمل محتاج مين ؟!
55 تلميذا فى بورسعيد فكروا أفضل من كل طلبة الثانوية العامة وأسرهم .. 55 طالبا ذهبوا إلى مدرسة اسمها اللوجستيات – غالبا أول مرة تسمعوا الاسم- والأسبوع الماضى تخرجوا وسجلوا اسمهم كأول دفعة من نوعها فى مصر،الأهم الـ55 خريجا التحقوا فورا بالعمل فى شركات ملاحية ولوجستية بميناء بورسعيد تسلموا العقود باعتبارهم عمالة نادرة .
الـ 55 خريجا أنهوا حالة من الارتباك عاشها خريجو المعاهد والمدارس الفنية طيلة السنوات الماضية، خاصة مع قلة الاعتماد عليهم فى سوق العمل، وهو ما يتضح من التذبذب فى أعداد الخرجين من تلك المعاهد فى الفترة بين 2008 إلى 2017، وذلك وفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
حفل تخرج الدفعة الأولى من دبلوم اللوجستيات، بمدرسة بورفؤاد البحرية بمحافظة بورسعيد بداية حقيقية للاهتمام بهذا النوع من التعليم.
المدرسة بتعلم مهارات «الشحن والتفريغ، قيادة ونش الشوكة، التعامل مع متطلبات السلامة المهنية، تجربة تعامل مع الحرائق».
دبلوم اللوجستيات نموذج رائع للتعليم الفنى الجديد، والذى يعتمد على «تحديث المناهج لتصبح بنظام المهارات، والتوسع فى التخصصات الحديثة مثل تخصص اللوجستيات»، يهدف إلى «توفير الكوادر المؤهلة والعمالة الماهرة المدربة على شئون اللوجستيات لتلبية احتياجات سوق العمل فى محور قناة السويس، وخدمة الشركات العاملة بقناة السويس وميناء شرق التفريعة فى مشروعات عملاقة».
تعليم جيد، يراعى البيئة وفرص العمل فى المكان الذى تعيش فيه،مثل هذا النموذج نحتاجه فى كل مكان فى مصر، نهتم أكثر بالتعليم الفنى،بمدارس الزراعة فى الريف، نقدم خريجين لسوق العمل وليس للمقاهى والبطالة بشهادة جامعية.!
نعود لطلبة الثانوية العامة والحيرة فى كل بيت،لدينا الآن تعليم مختلف،هناك الجامعات التكنولوجية، والتى تراعى مواكبة متطلبات سوق العمل محلياً ودولياً.
الدولة أنشأت أول 3 جامعات تكنولوجية خاصة بالتعليم الفنى فى «القاهرة الجديدة، وبنى سويف وقويسنا بالمنوفية» وسمحت بتقديم طلاب الثانوية العامة إليها، ولأول مرة،لدينا كليات الذكاء الاصطناعى، التى تضم تخصصات صناعة الروبوتات وبرمجتها وصيانتها وتشغيلها، وكل ما يتعلق بتكنولوجيا الألعاب والصناعات الثقيلة وكافة مجالات البرمجة وغيرها وغيرها.. يعنى هتحصل على شهادة جامعية لكن لها قيمة فى سوق العمل،أرجوكم مجموع الثانوية العامة ليس مقياسا،ولاتدعه يتحكم فى حياتك ومصيرك.. فكروا أرجوكم.