
رشدي أباظة
الحمار السلفى!
منذ غزو التيار السلفى وتوغله فى العقل المصرى. والمعاناة الثفافية والفكرية المصرية تزيد وتتفاقم.
لقد كان أثر ذلك الغزو مريرًا وقاتلًا. عكس إلى مدى تدهور الوعى المصرى الذى ملأ الدنيا ذات ليلة وانتشر فى ربوع الشرق الأوسط حتى صار قنديلًا يهدى إلى النور والنهضة.
مقطع فيديو حاسم للداعية السلفى محمد حسين يعقوب يكشف فيه كيف يفكر السلفيون والذين بدورهم يبذرون الجهل بذر الحب فى الأرض الخصيبة.. يقدم «يعقوب شو» ما يمكن وصفه بخلاصة الفكرة السلفية التى تعتنق عقيدة «اللاتفكير واللاعقل».
فى الفيديو المتاح على موقع يوتيوب يتحدث يعقوب عن شخص مجهول هو لا يقصد شخص بعينه بل يقصد كل من يفكر، يقول إن «فلان مشكلته أنه بيشغل دماغه».. هكذا يقول بكل أريحية.. ثم يسترسل فى تشبيه قادم من أعماق الفكرة السلفية المتمكنة منه تمامًا ليقول: إن الدماغ «قاصدًا هنا وعاء العقل المفكر» بأنها «عبد».. لكنه لم يقل عبدًا لمن وما هى العقيدة التى تخضع لها هذه «الدماغ».. وما هى مظاهر عبوديتها لله أو لغيره.
ثم يستمر فى انتقاد الشخص المجهول بعبارة صريحة قائلا: «مشكلته أنه بيشغل دماغه» ليكون قد أعلن بذلك تكفيرًا وتحريمًا لعملية التفكير وهو بذلك يحرم أعمال العقل بل يحرم استخدامه لا يدرك بذلك أنه يخالف جوهر الإسلام مخالفة صريحة للأسباب التالية:
١- العقل هو مناط التكليف، وبالتالى يرفع القلم عّن النائم حتى يستيقظ، والصبى حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق، ونضيف والسلفى حتى يعمل عقله.
٢- العقل هو أداة الإنسان لإدراك وجود المولى عز وجل وتوحيده وعبادته.
٣- العقل هو الدليل الإلهى على تكريم بنى آدم.
٤- العقل هو عنوان العدل الإلهى لإنزال العقاب على من يفهم ويدرك ويختار عمله وطريقه.
هنا تُجسد دعوة «يعقوب» عقيدة سلفية تتنافى فى جوهرها مع أساس فكرة الإسلام.
الدعوة السلفية تدعو هنا لإلغاء العقل مقابل الأمر الإلهى بإعمال العقل»
الذين إذا سمعوا آياتنا لم يخروا عليها صمًا وعميانًا!
يستكمل «يعقوب» روايته ليشبه الدماغ بالحمار الذى يوصلك إلى «العمدة» وينتهى دوره عند باب هذا «العمدة» لينزل الشخص من على حماره خالعًا نعليه علامة التأدب قبل الدخول إلى العمدة!
«يعقوب» هنا أراد أن يقول أو أريد به قول ما يلى:
١- التعامل مع ولى الامر الذى يمثله هنا العمدة لابد أن يكون بانكسار وذل يتجسد فى خلع الحذاء .
٢- مساحات تواجد أولى الأمر من القيادات السلفية هى مساحات مقدسة تستوجب خلع النعال قبل الدخول عليها.
٣- التعامل النجيب مع أولى الأمر لا يكون إلا بدون عقل.
الرجل وبصراحة شديدة يقول إن العقل نفسه هو الحمار الذى يوصل الشخص إلى ربنا - هكذا قال نصًا - ليقدم مشهدًا مبتذلًا للتواصل بين العبد وربه. وهو وصل ووصال واتصال لا يقوم أساسًا إلا على كامل الإدراك البشرى العقلى لوحدانية وألوهية وربوبية المولى عز وجل، فإذا فقد الإنسان عقله أو دماغه قبل الدخول فى معية الله كما يدعو يعقوب فإن الحكمة من الوصل تنتفى لأن سبب التكليف يكون قد انتفى.
لقد كان الغزو الفكرى لمصر العظيمة هو أسوأ أنواع الغزو.. ألا لعنة الله على السلفيين!