السبت 13 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«فى محبة النبيلة»

«فى محبة النبيلة»






النشيد الوطنى الفرنسى.. تقول بعض كلماته «ولنجعل الدماء النجسة تراق كالماء فى جداول حقولنا، والنشيد الوطنى الأمريكى.. يقول «غسلت دماؤهم دنس آثار أقدامهم القذرة»لا ملجأ سينقذ هؤلاء المرتزقة والعبيد، والنشيد الوطنى البريطانى .. يقول فى أحد أبياته «الاسكتلنديون العصاة سَيَسْحقونَ...فليحفظ الرب الملكة.
لماذا لم يعلق أحد على هذه الكلمات، ولماذا لا يعتبرها العالم تحريضا على العنف والقتل والدم؟!
لماذا لا يرى العالم أن هذه كلمات داعشية بامتياز، تدعو للقتل والذبح؟.. ولماذا رأى هؤلاء تصريحات المحترمة  الدكتور نبيلة مكرم عبيد وزيرة الهجرة والمصريين بالخارج تحريضا على العنف؟
السر فى الترجمة، البروباجندا الإعلامية، نعم المترجمون خونة، كما يقول المثل الإيطالى الشهير، ويُقصد بهذا المثل أن المترجم يظل عاجزًا عن الوفاء الدائم للنص الأصلي، بل هو يبحث فى مكنون النص وفى ذهن الكاتب، وما يريد أن يوصله للمتلقى، وما الذى يقصده الكاتب من مفردات وعبارات بعينها.
الترجمة يمكن أن تحدد مصير أمم وشعوب، ومن أشهرها ترجمة نص القرار 242 فى عام 1967 عندما أقر مجلس الأمن الدولى القرار 242 حول الصراع العربى الإسرائيلى، وقع العرب ضحية خطأ ترجمة النص بين اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وكان الخطأ يدور حول «الـ» التعريف، النص الفرنسى للقرار يقول بوجوب انسحاب إسرائيل من الأراضى العربية المحتلة.
أما النص الإنجليزى فيقول بانسحاب إسرائيل من أراضٍ عربية محتلة، أدى استبعاد «أل» التعريف إلى تفسير اعتمدته إسرائيل والولايات المتحدة مبنى على مفهوم يقول إن الانسحاب المطلوب لا يشمل جميع الأراضى العربية المحتلة «سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة»، بل جزءًا من هذه الأراضى.
ما حدث مع وزيرة الهجرة هو نوع من هذا اللعب القمىء، دعك مما قصدته الوزيرة، وكيف جاءت الكلمات فى السياق العادى، ففى مصر الكلمة القريبة دائما لك هى «هقتلك»، لو تأخرت هقتلك، تقولها حتى لأبنائك، أصدقائك، ومثلها الكثير، وبالمناسبة منتشر جدا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى سخرية شديدة من المخابرات الأمريكية عندما تترجم ما يقوله المصريون لبعضهم البعض، ومنها الترجمة الحرفية «يا سيدى أن حيطانهم لها آذان وتسمع وهذه معجزة أخفوها عنا، لمجرد سماعهم شخصا يقول لآخر «الحيطان لها ودان» وأنهم يطيرون فى الجو وهذا تقدم كبير لم نصل له ولا نعرف التقنية التى وصلوا بها إلى هذا الإنجاز، وطبعا ترجموها حرفيا  من «جايلك طيران».
كلمات وزيرة الهجرة نبيلة مكرم فى لقاء لها مع أعضاء الجالية المصرية فى كندا والاحتفال بشهر الحضارة المصرية ورفع العلم المصرى للمرة الأولى فى برلمان أونتاريو الكندي، والتصريحات التى  قالت فيها «إننا نحب بلدنا ولا نتحمل أى إساءة له، وأى حد يسيء لمصر فى الخارج يتعمل له إيه، ثم أشارت بعلامة الذبح» . «أى حد يتكلم على بلدنا بره يحصل له إيه؟ يتقطع»، هو تعبير مصرى عادى جدا، تمت ترجمته بواسطة الإعلام الكندى إلى decapitation بالفرنسية وbeheading and sliced بالانجليزية ! أى ترجمة حرفية نتيجة الجهل بثقافتنا ومفردات اللغة والتعبيرات الدارجة التى لا تعنى العنف ولا تؤخذ جديا!، أو بشكل متعمد لتقديم صورة مغايرة تماما عن الدولة المصرية ووزرائها.
الكلمات لم تمر مرور الكرام، ولم تجد من يشرحها للأوروبيين، وبالطبع لم تفوت قنوات ومواقع التواصل الاجتماعى الفرصة، ليس فقط قنوات أو مواقع أو صفحات موجهة، ولكن للأسف من صفحات مصريين، وجدوها فرصة للنيل من الوزيرة، وكل له أسبابه ودوافعه، وبعضها لا أنكر أنها دوافع وطنية محترمة، فالبعض انتقد الوزيرة من منطلق حبه للبلد، خوفه من استغلال تلك الكلمات للإساءة لمصر، لكن امتلاء «التايم لاين» بالفيديو للوزيرة، وموجة السخرية، والغضب وحتى الدفاع عن الموقف، لم تكن مبررة، وليس لها تفسير إلا أن البعض لديه شهوة التعليق والكتابة على أى حدث، وكأنه لو صمت سيحاسبه الناس على صمته، وسيسألوه وينقدوه لما لم تضع اللايك التمام والشير الهمام على صفحتك؟!
الوزيرة المحترمة نبيلة مكرم عبيد لم تخطئ، ولم يكن هناك حتى داع لتبريرها وتصريحاتها، فحتى لو قصدت قطع رقبة من يسىء لمصر، فهذا حقها وحقنا جميعا، ودعونى أسألكم هل كنتم ستحتفون أكثر بالوزيرة لو قالت: «اللى يسىء لمصر هنتحاور معه ونعتبره معارضة معتدلة على طريقة المعارضة المعتدلة فى سوريا التى تحمل السلاح، ولا تقول إللى يسىء لمصر هنخلع راسنا ونكنس عليه جامع السيدة زينب .!!