
حازم منير
السبعة الكبار (8) سابقا
لا اعتقد أن قمة السبعة الكبار منذ تأسيسها قبل 43 عاما قد اجتمعت وسط أجواء متوترة وملتهبة على مختلف الأصعدة، كما يحدث الآن من تلاسنات ومواجهات وإجراءات وقرارات تهدد أمان العالم واستقراره، وتصنع العوائق أمام نموه وتطوره.
صحيح أن القمة تأسست من السبعة الكبار بالغرب عام 1976، لمواجهة الشرق الشيوعى آنذاك المكون من الكتلتين الاتحاد السوفيتى والدول الدائرة فى فلكه، والصين العملاق الذى كان قابعا منزويا وقتها يستكمل مسار بنائه الداخلى، لكن هذه الأجواء التى أطلق عليها مرحلة الحرب الباردة، لم تكن أبدا فى حدة وخطورة ما نعيشه الآن من أجواء.
الحاصل أن القمة الـ 45 تلتئم وسط حالة من التوتر بين أعضاء المجموعة ذاتها، بريطانيا التى تسعى للخروج من الاتحاد الأوروبى بدعم من أمريكا، تواجه ضغوطا المانية وفرنسية شديدة ليس للبقاء وإنما لحماية المصلحة الأوروبية دون اكتراث كبير بالمصالح البريطانية التى تلوح أمريكا بأنها ستساندها، وإيطاليا تخوض مواجهة أشد مع أوروبا بسبب موقف الأولى المتشدد من قضية المهاجرين، بل يُخشى أن تعلن إيطاليا خلال عام بريكست آخر من الاتحاد الأوروبى.
وفى صدارة المواجهات تقبع فرنسا التى تمنى رئيسها ماكرون إعلان جيش أوروبى موحد، فأثار فزع وحفيظة عملاق الغرب الولايات المتحدة قائدة الناتو، ومن وقتها لم ير ماكرون لحظة هدوء فى بلاده من مصادمات وأزمات اقتصادية،وعوائق دولية، حتى أنه لم يجد بُد سوى أن يهدأ من روع الآخرين ويقلل من أحاديثه عن الجيش الأوروبي. ناهيك عن الخلاف الأوروبى – الأمريكى العميق حول إيران، وكيفية التعامل مع الملف، وبحث إمكانية العودة لمجموعة الـ8 بإعادة روسيا المستبعدة بسبب موقفها من ضم جزيرة القرم .
الشاهد أن البلدان السبعة المُكونة لقمة الكبار، تمثل نحو10 % من عدد سكان العالم، لكنها تحتكر مجتمعة نحو40% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وهى أرقام مفزعة، للفارق الكبير بين ما تحوزه من ناتج مقارنة عدد سكانها، خصوصا لو وضعنا فى الكفة الأخرى 90% من سكان العالم، الذين تستحوذ بلادهم مجتمعة على 60% فقط من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
من هنا تأتى أهمية قمة الكبار، ورغم الظروف والأجواء المحيطة بها، وما تنشره من توترات، وتصدره من أزمات بسبب صراعاتها إلى باقى دول العالم، إلا أن ذلك لا يمنع الحديث عن الدور الذى يلعبه هؤلاء، فى صناعة القرار السياسى والاقتصادى عالميا، وتأثيراته وانعكاساته على شعوب العالم.
ومن هنا أيضا تأتى أهمية مشاركة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى ممثلا للقارة الإفريقية فى القمة 45، للتعبير عن طموحات القارة وأهدافها فى المرحلة المقبلة، ورغبتها فى تحقيق التنمية والتطور لشعوب القارة السمراء، على كافة الأصعدة.
كما تمثل مشاركة مصر لأول مرة فى القمة أهمية كبرى، لمناقشة ما يتعلق بالاقتصاد العالمي، خصوصا أن كل التقارير الدولية من دون استثناء تتحدث عن ثقل مصر الاقتصادى باعتبارها من الاقتصادات الواعدة، وتتصدر الأسواق الناشئة، وهو بالتأكيد ما سيكون له انعكاساته وآثاره، خلال أعمال القمة.
أعتقد أن العالم سيشهد نتائج مهمة للقمة 45، وستنعكس على المشهد الدولى، بكل صراعاته، وبكل طموحاته.. وفقا لقاعدة فلنختلف ولنتوافق أيضا.