الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الموسيقار عبدالوهاب وجزمة المغنية!

الموسيقار عبدالوهاب وجزمة المغنية!






هذا زمن الأغانى التى تشاهدها ولا تسمعها، فمنذ ظهرت موضة الفيديو كليب ونحن نعيش زمن «الزغللة البصرية» وزوغان العيون وهى تلهث خلف المغنى أو المغنية فى إيقاع صاخب وزيطة موسيقية لا تستطيع أن تتبين منها كلام الأغنية!!
أصبح الإبهار البصرى أهم من الكلام واللحن بل الأداء نفسه، فالمهم هو تصوير الأغنية وسط المحيط أو الغابات أو قصور ومنتجعات!!
وفى كل الحالات سواء كانت الأغنية لمغن أو مغنية حزينة أو فرحة فلابد أن يصاحب الأغنية عشرات الحسناوات يتلوين ويتراقصن فى تشنج وعصبية بسبب الأغنية لا بسبب وجع القولون أو المعدة لا سمح الله!!
لقد كان الموسيقار محمد عبدالوهاب عبقرى الموسيقى عندما عبر عن هذا النوع من الغناء فى حديث رائع للإذاعى الكبير والقدير «عمر بطيشة» فى برنامجه الشهير «شاهد على العصر» عام 1989 - أى منذ حوالى ثلاثين سنة - قائلا: هذا عصر معقد غاية التعقيد، لقد تعقدت الحياة وقفز العلم والتكنولوجيا ليغيرا خريطة العالم، وانتشر التلوث الذى هو نتاج هذا التقدم بل امتد هذا التلوث إلى آذاننا وهو التلوث الصوتى!!
إن موجة الغناء الحديث تركز على عنصر الإيقاع لمخاطبة الجسد بدلا من الروح أين الآن مقطوعة موسيقية حالمة أو أغنية رقيقة تخاطب وجدانى لا أجد إلا نادرا فالمنتشر الآن أغنيات سريعة الإيقاع لا معنى فيها لدرجة أن لو واحد صاحبك قابلك يقول لك سمعت آخر غنوة؟! وكأنه يقول لك: سمعت آخر نكتة؟! فهى قد أصبحت نكتا غنائية!
وأنا أرفض أن اسميها أغانى شبابية فليست هناك أغان للشباب وأغان طفولية وأغان شيوخية!! المفروض أن الأغنية الجيدة ترضى جميع الأذواق ويغنيها الجميع، وما ألاحظه أن هذه الأغانى تخاطب الغرائز.
هذا العصر جاء بفنه كما جاء بكل شىء وفنه هو الفن الذى يتناسب مع صفاته وهى العنف والسرعة والعصبية والقلق وهذه هى سمات موسيقى العصر.
وفى فترات الانتقال بين العصور يحدث نوع من الغوغائية وتنمو الطفيليات إلى جانب العناصر الجيدة فلا يجب أن نقف مكتوفى الأيدى، لقد أرى التقدم فى التكنولوجيا الصوتية إلى تسهيل عملية الغناء والتلحين لأنصاف الموهوبين ومطلوب من الدولة أن تواجه ذلك كله بحماية الفن الراقى ودعمه!!
ويضيف عبدالوهاب: اختفت المسارح التى كانت تقدم عليها الأغنيات الراقية، وأصبح المنبران الوحيدان المتاحان الآن هما الراديو والتليفزيون ومعنى ذلك أنهما القادران على إصلاح هذا الوضع الى حد كبير وخاصة الراديو لأنه وسيلة الاستماع المحببة لدرجة أن الإنسان إذا أحب أن يسمع أفضل فإنه يغمض عينيه لكى يركز!
والتليفزيون بحكم الألوان والملابس أيضا لأن مظهر المغنية أصبح الآن جزءا لا يتجزأ من فنها فأصبحت حتى «الجزمة» لها قيمة للمغنية الآن!! ويتكلمون الآن عن شعرها وفستانها وما إلى ذلك لأن هناك صورة مرئية وأحيانا استعراضات تسرق البصر ولا يجب تجاهل ذلك على الاطلاق أو الاكتفاء بالفرجة على ما يحدث.
صدقت يا أستاذ «عبدالوهاب»!!