
رشدي أباظة
البقـلاوة التركى! «1-2»
لم يقف الإخوان عن حق أمام مشهد هروب قياداتهم الفاضح من اعتصام رابعة المسلح. ولم تشرد عقولهم تتأمل تلك المشاهد رغم أنها كانت مخزية وعلى الهواء مباشرة!
المرشد تلحف فى نقاب امرأة وخرج من الاعتصام تحت جنح الظلام!
ونائب المرشد اختبأ فى منزل قديم له ظنا منه أن أحدًا لن يطوله.
وآخرون منهم قصوا الشوارب واللحى وهرعوا إلى المزارع وعقارات تحت الإنشاء.. بل من وجدوه وقد اختبأ أسفل السرير وهو الدكتور عصام العريان أثناء القبض عليه!
كيف مر هذا المشهد على التنظيم الذى ما برحت قياداته تتحدث عن الثبات والمواجهة والتضحية حتى رآها تهرب كنساء بيوت الدعارة عندما يهرع إليها بوليس الآداب؟
لم تكن مشاهد الهروب من الاعتصام وترك المعتصمين يواجهون الشرطة بالسلاح والموت هى الأقسى فقط.. بل كان هروب بعضهم إلى الخارج وترك التنظيم يكافح من أجل عودة الراحل مرسى أكثر قساوة.. لكن أحدا لم يتوقف من أهل السمع والطاعة ليحلل ويسأل نفسه سؤالا لا يحتاج لعمق الطرح ولا عمق الإجابة.. هل هؤلاء أناس صادقون؟
دارت الأيام.. وعاش الإخوان الهاربون فى المنفى ليجدوا الزمن يجبرهم على إجابة السؤال فوجدوا مقاطع جواله تجوب مواقع التواصل الاجتماعى بضراوة تحت عنوان «إنهم يأكلون البقلاوة على ضفاف البسفور»!
المقاطع تتحدث بلغة فضائحية عما أسمته «أيتام البنّا» فى إشارة إلى أولئك الهاربين فى الخارج.
المقاطع تصلح لأن تكون سلسلة للحكى بعنوان «يوميات الإخوان فى المنفى».
فقرات المقاطع تتحدث عن طبيعة وتفاصيل حياة قيادات الإخوان التى هربت من مصر وترفل فى نعيم اسطنبول، بينما تحولت القواعد إلى قطعان مشردة فى شوارع تركيا!
القطعان تلك تحول منهم لبائع متجول. وآخرون من دونهم احترف التسول!
بيد أن الحالة التركية كشفت عن طبقية إخوانية ميزت بين القيادات وأبنائهم من جانب وبين القواعد من جانب آخر. قواعد أصبحت مهملة وأضحت عبئا على القيادات.. والتنظيم نفسه!
لسنا أمام ظاهرة عابرة.. بل أمام ثورة إخوانية ذاتية يكتشف فيها الكادر المخدوع حقيقة تنظيمه.. وحقيقة ذاته التى تركها للتنظيم يستخدمها بامتهان، فاغتالت سنوات عمره.
الآن يحصد ما زرعه بيده فى أرض الإخوان البور!
فى سنوات الهروب يكتشف الإخوانى الهائم على وجهه حقيقة قياداته التى غالبا ما كانت تُمارس الفساد داخل مكتب الإرشاد لكنه لم يكن يشعر بذلك على أرض وطنه حيث كان بيته يحتضنه.
لم يكن لديه دافع للتفتيش فى سلوك تلك القيادات ليكتشف أنه أمام شخصيات تتخذ من إشباع الشهوات والرغبات ومراكمة الأموال هدفًا أساسيًا فى الحياة.. وليكتشف أن الجماعة تُمارس العنصرية ضد الأعضاء.. وأن السمع والطاعة لم يكونا سوى أداة لقمع تمرد الذات الإخوانية!
غدا نكمل