«العظماء السبع» ودولاب الاقتصاد المصرى
فى خضم الصراع العالمى بين أباطرة السلاح والعتاد؛ ومالكى ترسانات أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيميائية والبيولوجية التى تهدد كوكب الأرض والبشرية بالفناء؛ يصبح مصير الشعوب الصغيرة والفقيرة فى مهب الرياح العاتية؛ أو الخضوع لسيطرة الأقوياء بلا أدنى حيلة فى العيش الكريم أو البقاء.
ولكن صاحب الانتماء الوطنى الحقيقى فى مصرنا المحروسة؛ والمتابع للحراك الموَّار فى الشارع السياسى المصرى؛ يعلم تمام العلم كيف تعمل القيادة السياسية على تصحيح المسار الاقتصادى لصالح رفاهية المواطن ـ بطريقة أبهرت شعوب الأرض قاطبة؛ كى تكون بمأمنٍ ومنأى عن أذرع السيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب، فكان اعتراف العالم بقوة مصر سياسيًا واقتصاديًا؛ والإجماع على ضرورة وأهمية اشتراك مصر ضمن مجموعة الكبار السبع؛ التى عقدت فى مدينة «بيارتيز» الفرنسية، وضمت (فرنسا، كندا، ألمانيا، وإيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة)؛ لدراسة كيفية الخروج من مأزق التحديات الاقتصادية الضاغطة على كاهل الشعوب المتطلعة إلى المستقبل الأفضل لها ولأجيالها الصاعدة.
فكان حضور مصر ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى بكلمته الرائعة التى وضعت النقاط فوق الحروف، ووضع مصر بقدرها وعظمتها فى مقدمة الصفوف بين الكبار، حين قال: «إننا نعلم جميعًا جسامة التحديات التى تواجه الدول النامية، ومن ضمنها الدول الإفريقية، فى إطار سعيها للارتقاء بمستوى معيشة شعوبها، وتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك المعوقات أمام تحقيق تلك الأهداف، والتى تتمثل فى الأزمات الدولية والإقليمية القائمة، وتسارع أحداثها وتشابكها، فلا بديل عن تحاورنا المتواصل حولها، وإشراكنا بشكل أكثر فى معالجتها، بما يتماشى مع المصالح المشتركة والمتبادلة، وكذا مع قواعد الديمقراطية التى يجب أن تسود وتترسخ فى العلاقات الدولية».
لقد أكد الرئيس على موقف مصر المبدئى بأنه لا بديل عن التحاور المتواصل حول تحديات الدول النامية والحاجة للعمل الجاد لإيجاد الحلول السليمة والسلمية لها؛ وأن بداية الطريق لوضع تلك الحلول هو تأييد الموقف المصرى فى الصراع الدائر بين عناصر الإرهاب المناوئة للمسيرة التقدمية فى الداخل والخارج، لأن استتباب الوضع الأمنى هو السبيل الوحيد لاستتباب الوضع الاقتصادي، ليس فى مصر فحسب، ولكنه ينعكس على كل الدول العربية والإفريقية جميعها، فالنهوض بإفريقيا يستلزم تسوية جميع ما يعتريها من أزمات اقتصادية لمواجهة حمى الإرهاب التى تجتاح العالم بلا أدنى تقدير لموقف الشعوب التى تواجه الفقر والتصحر والجفاف فى أحراش القارة، فالقارة الإفريقية تمتلك الثروات الطبيعية فى جوف أرضها؛ على تلك الأرض يعيش الإنسان الذى يُعد ثروة منفردة بحد ذاتها، ولكنه يحتاج إلى التمويل الدولى من كل البنوك العالمية، وإعطائه الفرصة الكاملة لإثبات الذات وتفجير قدراته وطاقاته المعطلة.
وأجد أنه من الضرورى أن أتوقف ـ ويتوقف معى كل المخلصين الأوفياء ـ أمام عبارة مهمة وردت على لسان الرئيس فى متن كلمته وهى ضرورة «مكافحة ظاهرة الفساد على الصعيد الدولى»! ذلك لأن ظاهرة الفساد تتسبب فى استنزاف الموارد وإهدار الجهود التنموية، بالإضافة إلى تأثيرها بالسلب على الكفاءة الاقتصادية وبيئة الاستثمار بشكلٍ عام، وهو الأمر الذى يجب أن يهتم به قادة القارة الإفريقية لبذل جهود مكثفة لمواجهة تلك الآفة، وأغلب الظن أن القيادة المصرية بدأت بالفعل فى متابعة وتطهير عناصر الفساد فى مختلف المواقع السيادية والمصالح الحكومية كافة، ولعل المتابع للصحف السيارة فى مصر يلمس هذا التطهير الجاد فى الآونة الأخيرة، وأن كل من قام «بكسر كوب» سيدفع ثمنه ـ على حد قول الرئيس فى حديثٍ سابق ـ لأن يد الدولة القوية يجب أن تكون هى العليا بالحق والعدل.. والقانون!
إذن.. يجيء اشتراك رئيس مصر وبصفته رئيسًا للاتحاد الإفريقى باعتراف خبراء الاقتصاد فى العالم ـ ليحقق العديد من الإيجابيات والمزايا لحركة دولاب الاقتصاد المصري؛ مما يعطى الثقة والطمأنينة لجذب الاستثمارات الأجنبية الجديدة وفتح المنافذ القوية لاستقبال الصادرات المصرية.
لقد آن للوجدان والإحساس الجمعى الشعبى فى مصر؛ أن ينعم بالطمأنينة حين يتعرف على ملامح النجاحات القادمة والتعافى المستمر بهذه الخطواتٍ السريعة والمدروسة للاقتصاد المصري؛ بتخطيط وفكر رجالاته الذين يعرفون قدر وقيمة هذا الوطن؛ بغية الخروج من عثراته التى عانى منها فى فترات التجريف الماضية، وتُعد مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى بقمة الكبار السبع، فخرًا كبيرًا لكل المصريين سواء فى الداخل أو فى الخارج وخاصة فى فرنسا، لوجود زعيمهم مع الدول العظمى ضمن لقاء عظماء القادة فى العالم الحر.
إن شمس الخير والنماء.. لاحت بشائرها فى أفق وطننا الغالي، وعليه فلتتحد السواعد القادرة المخلصة على قلب رجل واحد؛ وتحت ظل القيادة الوطنية التى لا تدخر جهدًا فى مشارق الأرض ومغاربها؛ وتبذل كل المساعى لتحقيق التوازنات الاقتصادية المرجوَّة، فالمعادلات الاقتصادية باتت هى «رمانة الميزان» فى السوق العالمية، وهى التى تمنح القوة والمنعة لمواجهة كل من يحاول مناصبة العداء لمسيرة الوطن التقدمية.
وبالتأكيد.. سيكون الغد الأجمل انتصارًا وإنصافًا لإرادة الشعوب بمشيئة الله.