الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
روزاليوسف اليومية ترفض رشوة إنجليزية!

روزاليوسف اليومية ترفض رشوة إنجليزية!






ما أكثر التفاصيل المدهشة التى رواها الأستاذ والأديب فتحى رضوان «حول علاقة الأستاذ عباس محمود العقاد بجريدة روزاليوسف فى كتابه الرائع «عصر ورجال»، ويواصل التفاصيل قائلا:
«فكرت السيدة - روزاليوسف - فى ضم العقاد إلى هيئة تحرير الجريدة الجديدة فقبل العقاد، بعد أن رفض أول الأمر بحجة أنه لا يعمل فى جريدة تحمل اسم ست!! ولكن السيدة «روزا» عرفت كيف تعالج هذا الرفض، فقد رفعت مرتبه من سبعين جنيها كان يتقاضاها من جريدة الجهاد إلى ثمانين جنيها، ثم قبلت أن تعجل مرتب أربعة شهور يقبضها دفعة واحدة، وكان لا بد أن يضاف إلى هذين الشرطين شرط أدبي كان من قبيل تحصيل الحاصل هو أن تكون الجريدة وفدية!
وقد اشترطت صاحبة الجريدة على العقاد أن يكتب كل يوم مقالا سياسيا، وأن يكتب كل أسبوع مقالا أدبيا، ولما انتهى الطرفان إلى الاتفاق على الشروط جميعا تولى الأستاذ إبراهيم عبدالهادى تحرير العقد، ولما عاتبت السيدة «روزا» العقاد على رفضه العمل فى جريدة تحمل اسم «ست» خفف أثر هذا الرفض بقوله إن اعتراضه كان ينصب أصلا على العمل فى جريدة تحمل اسم شخص، أيا كان هذا الشخص يتساوى عنده أن يكون سيدة أو رجلا!
ويكشف الأستاذ «فتحى رضوان» عن بعض خفايا تلك المرحلة السياسية قائلا: وقد توجس مكرم عبيد من إصدار الجريدة اليومية الجديدة ومن خروج «العقاد» و«عزمى» من جريدة الجهاد للتحرير فيها، فقد كانت الجهاد جريدة «مكرم» تأتمر بأمره وتتلقى الوحى منه، ولما هاجمت الجريدة الجديدة وزارة نسيم «التى جاءت بعد سقوط وزارة «إسماعيل صدقى» ثم «عبدالفتاح يحيى» وكان واضحا أن نسيم جاء ليلعهب دورا واضحا في السياسة وخلق دستور جديد تتخذ  الإجراءات لوضعه وتطول هذه الإجراءات فتبقى البلاد فترة بلا دستور فى انتظار دستور جديد!
تشغل الأذهان بوضعه وبالمناقشات التى ستدور حوله وبالانقسامات والفرقة التى تخلقها هذه المناقشات فتتسع الفرصة للإنجليز لمزيد من العبث فى البلاد ولمزيد من الخوض فى أحشاء السياسة المصرية وإفسادها وتفتيت وحدة الأمة!
فى هذا الجو خرجت جريدة العقاد وعزمى اليومية السياسية وقد كان لكل من العقاد وعزمى سبب يدعوه إلى مهاجمة وزارة نسيم وألا يلتزم بالخط السياسى الذى يرسمه الوفد لمهادنة تلك الوزارة!
كان للعقاد صديق هو الأستاذ «طاهر الجبلاوى» نقل فى عهد الوزارة السابقة على الوزارة النسيمية تنكيلا به لوفديته ولصلته بالعقاد، فلما جاءت الوزارة النسيمية انتظر العقاد أن يعاد صديقه إلى القاهرة، ولكن «نجيب الهلالى» وزير المعارف فى تلك الوزارة - لأمر ما - لم يعده إليها، فاستشاط العقاد غيظا، وأطلق على الوزارة عموما وعلى نجيب الهلالى خصوصا حملة عنيفة!
أما محمود عزمى فقد كان خصما لوزير المالية فى تلك الوزارة «أحمد عبدالوهاب» باشا والظاهر إنهما كان زميلى دراسة وكانت بينهما ما بين الزملاء الأنداد من منافسات وغضب الوفد من حملات الجريدة على الوزارة وانزعج الانجليز منها، وتقول السيدة روزا فى كتابها «ذكريات» أن دار المندوب السامى البريطانى أوفدت إليها رسولين عرضا عليها خمسة آلاف جنيه كدفعة أولى مقابل وقفها للحملة على وزارة نسيم على أن تقبض شهريا ألفى جنيه، وكان أحد الرسولين تاجر ورق والثانى صحفيا!!
ويعلق «فتحى رضوان» على هذه الرواية بقوله: «هذه الرواية تزيح طرفا من الستار عما كان يجرى فى دنيا السياسة والصحافة فى تلك الآونة، فقد كانت الدوائر السياسية كلها تنفق على سعة دور الصحف وعلى الصحفيين ذوى التأثير، وإذا كان دار المندوب السامى قد عرضت كل هذه المبالغ على جريدة يومية ناشئة كانت لا تزال فى مهب الريح، وكان فى وسع الوفد أن يقضى عليها - كما ثبت بعد ذلك - فكم كانت تدفع للجرائد الكبرى الراسخة القدم، الطويلة العمر؟!
وللحكاية بقية!